مع تواتر المعلومات والتقارير الصحفية الغربية، عن بدء توافد متطوعين أميركيين ومن جنسيات أوروبية مختلفة، للقتال في أوكرانيا ضد القوات الروسية، أكدت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، أنها “لا تعرف العدد الدقيق للأميركيين الذين يريدون التوجه إلى أوكرانيا للقتال كمتطوعين”.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، خلال مؤتمر صحفي مؤخرا: “لا يوجد لدي تقييم لعدد الأميركيين، الذين قد يرغبون في التوجه إلى هناك كمتطوعين، ولا نزال نعتقد أن أوكرانيا ليست مكانا آمنا بالنسبة إلى الأميركيين، وندعوهم إلى عدم الذهاب”.
وكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قد أعلن سابقا عن بدء تشكيل ما يسمى بـ”الفيلق الدولي” للقتال ضد القوات الروسية في أوكرانيا.
وتحاول أوكرانيا استقطاب الأجانب الراغبين في القتال بجانبها، إذا كانوا من ذوي الخبرة، وقامت بإعفائهم من الحصول على التأشيرة، بهدف تسريع عملية انضمامهم.
وبحسب تقارير صحفية، فإن السفارة الأوكرانية في العاصمة الأميركية واشنطن، شهدت إقبالا ملحوظا للمتطوعين الراغبين في القتال بأوكرانيا.
فيما كشفت مصادر صحفية أميركية أن العشرات من المحاربين القدامى الأميركيين ممن خدموا في العراق وأفغانستان، قد التحقوا بالحرب في أوكرانيا، بينما يستعد العشرات منهم، حسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، للسفر إليها لمقاتلة الروس.
ويخشى مراقبون وخبراء في شؤون الجماعات الإرهابية، من أن يعيد المتطوعون في الحرب الأوكرانية تكرار السيناريو الكارثي لتجربتي المرتزقة المشاركين في حربي أفغانستان وسوريا.
وتعليقا على ذلك، يقول الباحث والخبير في الشؤون الأوروبية، ماهر الحمداني، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “قصة من يسمون بالمتطوعين الأجانب في الحرب بأوكرانيا، الغاية من تضخيمها ومن تداولها الكثيف غربيا دعائي بالدرجة الأولى، ولتصوير أن هناك من يتطوع للذهاب إلى الحرب دفاعا عن أوكرانيا، وأن الشعوب الغربية متعاطفة بقوة معها”.
ويضيف: “لكن في الواقع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي تعلم تماما، أن أحدا لن يتطوع لخوض الحرب في أوكرانيا، ما خلا ربما حالات فردية أو من يتم إرسالهم من قبل أجهزة الأمن والاستخبارات في هذه الدولة الغربية”.
ويضيف: “الشعوب الغربية تمقت الحرب بالمطلق، والشباب الغربي عامة تستولي عليهم وتستهويهم أفكار وقضايا حماية البيئة ومكافحة ظواهر التغير المناخي ونبذ الحروب بكافة أشكالها، ولهذا يتم تضخيم هذا الموضوع وتصويره كظاهرة، كما لو أن المتطوعين يتدفقون على أوكرانيا، فيما هو في الواقع مجرد فقاعة إعلامية”.
لكن إثارة هذه القضية تنطوي كذلك، حسب الخبير في الشؤون الأوروبية، على “رسالة لموسكو من الغرب، مفادها أنه سيدعم كييف بقوة، وبإمكانه في هذا السياق الذهاب لحد إرسال رجال متطوعين للقتال ضدها على الأراضي الأوكرانية، مما يعفي الدول الغربية من مهمة إرسال جيوشها، والذي سيعني تورطها في حرب كبيرة ومدمرة مع روسيا”.
ويتابع: “لهذا فهي تكتفي بالمتطوعين، فإن قتلوا فهذا لا يعني هزيمة الجيوش الغربية، وإن لم يذهب أحد حتى فستقول هذه الدول أنها تضامنت مع أوكرانيا لدرجة سماحها لمواطنيها بالتطوع للقتال فيها، وبالتالي فالأمر هو في الأصل عبارة عن رفع حرج لا أكثر”.
ويضيف الحمداني: “إن وُجد متطوعون غربيون ذهبوا أو سيذهبون لأوكرانيا، فهم في الغالب الأعم مرتبطون بأجهزة أمنية معينة مهامهم التجسس وجمع المعلومات وقياس الرأي العام، أو قياس حجم وقدرات القوات الروسية العاملة في أوكرانيا، وربما أيضا تدريب الأوكرانيين وتنظيمهم قتاليا”.
وتتفاعل هذه القضية وسط انقسام حاد حولها في أوساط الرأي العام الغربي، بين من يعتبر هؤلاء المتطوعين محاربين من أجل الحرية، ومن يصفهم بالمرتزقة، لأنهم يخوضون حربا لا تعنيهم في دولة بعيدة، وربما يؤدي وجودهم لزيادة التصعيد، ولن يصب في صالح التهدئة وإحلال السلام.
ويثير موضوع التطوع لأجل القتال في أوكرانيا مخاوف من عودة المقاتلين مستقبلا لبلدانهم، وقد راكموا تجربة في التعامل مع الأسلحة، وعندئذ، قد يضحي ضبطهم أمرا محفوفا بالمجازفات.
فيما تؤكد وزارة الدفاع الروسية، أن “المرتزقة الغربيين” الذين يصلون للقتال في أوكرانيا، “لن يكون لهم الحق في معاملتهم كأسرى حرب”.