أفادت مصادر سياسية عراقية، اليوم الجمعة، بأن زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، رشح ابن عمه جعفر الصدر، وهو سفير العراق في لندن، لرئاسة الحكومة المقبلة.
وكشفت ثلاثة مصادر سياسية متطابقة في بغداد، لـ”العربي الجديد”، أن تفاهمات سياسية وصلت إلى مستوى وصفته “بالجيد”، بين التيار الصدري وقوى “الإطار التنسيقي“، حيال أزمة تشكيل الحكومة الجديدة، وذلك بعد اتصالين هاتفيين مساء أمس الخميس ونهار اليوم الجمعة، بين رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي والصدر.
وبحسب المصادر إياها، فقد طرح الصدر مبادرة سياسية جديدة للخروج من الأزمة الراهنة تقوم على التعامل مع “الإطار التنسيقي”، ككتلة واحدة من ناحية مشاركتها الحكومة الجديدة التي يصر الصدر على تسمية رئيس الوزراء من خلال تياره باعتباره المتصدر في الانتخابات.
ويأتي هذا الحراك السياسي بعد جمود دام عدة أسابيع، لحل الأزمة التي تتواصل منذ ما يزيد عن 4 أشهر، بينما تؤكد مصادر في النجف وبغداد، أنه جاء بتدخل رجال دين بارزين في العراق وشخصية مهمة في طهران دون أن تسمها.
وعقد تحالف “الإطار التنسيقي”، الذي يضم عدة قوى سياسية توصف عادة بأنها حليفة لإيران، وأبرزها حزب الدعوة الإسلامية والمجلس الإسلامي الأعلى و”منظمة بدر”، و”تيار الحكمة” وتحالف “النصر”، إلى جانب حركات سياسية منبثقة عن فصائل مسلحة مثل “عصائب أهل الحق”، و”جند الإمام”، ويبلغ مجموع نوابه سوية في البرلمان 77 نائباً؛ اجتماعاً في بغداد، لبحث تلقي نوري المالكي اتصالاً ليلة أمس من زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر.
ووفقاً لمصادر سياسية متطابقة تحدثت لـ”العربي الجديد”، فإن المبادرة الجديدة التي جاءت بوساطات من رجال دين في النجف، وشخصية إيرانية، مهمة لم تسمها، قالت إنها تدخلت بشكل مباشر باتصالات هاتفية بين أطراف الأزمة، تقوم على منح قوى “الإطار التنسيقي”، أكثر من نصف الحقائب الوزارية المخصصة للقوى السياسية الشيعية، بينما يبقى حق تسمية رئيس الوزراء من قبل “التيار الصدري” بصفته فائزاً بالانتخابات.
وجرى خلال ذلك طرح اسم سفير العراق في لندن جعفر الصدر (52 عاماً)، لهذا المنصب بترشيح من مقتدى الصدر.
وأكد أحد تلك المصادر، أن هناك تفاصيل لم تحسم بعد، حيث يُصر أطراف داخل “الإطار التنسيقي”، وأبرزهم نوري المالكي ورئيس تحالف “فتح” هادي العامري، وزعيم مليشيا “عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي، على أن تشكل الكتلة الكبرى داخل البرلمان والتي منحها الدستور حق تشكيل الحكومة من القوى الشيعية حصراً، وهو ما يعني إنهاء الصدر تحالفه الثلاثي مع القوى الأخرى المتمثلة بتحالف “السيادة”، والحزب “الديمقراطي الكردستاني”.
وحتى الساعة، لم يتضح ما إذا كانت التسوية ستشمل منصب رئاسة الجمهورية الذي جرى العرف السياسي أن يكون من حصة القوى السياسية الكردية والمختلف عليه لغاية الآن، لكن المصادر ذاتها أكدت لـ”العربي الجديد”، بأن ظهر غدٍ السبت سيعقد التيار الصدري اجتماعاً في بغداد ويعقبه مؤتمر صحافي لتوضيح جملة من بنود المبادرة الجديدة.
وعلى الفور أصدر الرئيس العراقي المنتهية ولايته برهم صالح تعليقاً، رحب فيه بالمبادرة السياسية الجديدة، وقال في تغريدة على حسابه في موقع “تويتر”، إنه يثمن المبادرة السياسية لتجاوز حالة الانسداد والتعطيل الدستوري”.
فيما أصدر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بياناً، وصفه مراقبون، بأنه “بيان وداع”، استعرض فيه جملة من الملفات التي نجح في تحقيق تقدم بها من بينها الإرهاب والفساد وإجراء الانتخابات التشريعية.
ومضى قائلاً: “أدينا الواجب الذي استُدعينا من أجله في خدمة شعب العراق، وأوصلنا الوطن إلى انتخابات حرة نزيهة، وأعدنا العراق عزيزاً إلى المجتمعين الاقليمي والدولي، وفتحنا طريق مكافحة الفساد والمفسدين واستعادة الدولة من براثن اللا دولة، وأخرسنا الارهاب وخلاياه وذيوله بعزم أبطال قوانا العسكرية والأمنية والاستخبارية”.
وأشار إلى أن “القوى والأحزاب والشخصيات الوطنية التي أفرزتها العملية الانتخابية الديمقراطية تتحمل اليوم مسؤولية حماية المسار الوطني من خلال إنهاء الانسدادات السياسية وتشكيل حكومة تتصدى للاستحقاقات وتصون الوطن وتدافع عن وحدته ومقدراته ونبارك كل الجهود على هذا الطريق”.
في السياق، تحدث السياسي المقرب من تحالف “الإطار التنسيقي”، عزت الشابندر، عن مخرجات اجتماع مساء الجمعة في بغداد بين قادة التحالف بالقول إن الاجتماع انتهى بـ”الترحيب بمبادرة السيد مقتدى الصدر وتأكيد عدم ممانعته لترشيح السيد جعفر الصدر لرئاسة الحكومة”.
وأضاف أنه “بحث أيضاً القاعدة التي يجب أن تُعتمَد للترشيح (رئيس الوزراء) التوافق أم الاتفاق بين التيار والإطار! هما كتلة واحدة أم كتلتان! فلكل خِيارٍ مسَار. ولكل مسَارٍ منَار”، بحسب قوله.
بدوره، قال العضو البارز في تحالف “السيادة”، مشعان الجبوري، إنه “أصبح من شبه المؤكد أن السيد جعفر الصدر سفير العراق في لندن هو رئيس الوزراء القادم”.
من جهته، اعتبر عضو حزب “الاتحاد الوطني الكردستاني”، ريزان دلير، التقارب بين تحالف الإطار التنسيقي والتيار الصدري بأن “له تأثيرا كبيرا في مسألة اختيار رئيس الجمهورية”، مضيفاً في تصريحات للصحافيين أن الاتفاق بين الطرفين سيؤدي إلى إنهاء قضية الثلث المعطل في البرلمان، في إشارة إلى استحقاق رئيس الجمهورية الذي قضي الدستور بتصويت ثلثي أعضاء البرلمان في جلسة اختياره.
وفي ساعة متأخرة من مساء أمس الخميس، أنهى زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر قطيعة دامت عدة سنوات مع نوري المالكي، بإعلان مكتبه إجراءه اتصالاً هاتفياً معه لبحث ملف تشكيل الحكومة المقبلة، إلى جانب تأكيده إجراء اتصالات هاتفية مماثلة مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وزعيم تحالف “السيادة” خميس الخنجر، ورئيس الحزب “الديمقراطي الكردستاني” مسعود البارزاني، للهدف ذاته.