لم يکن في تصور القادة والمسٶولون في نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية أبدا أن تٶدي عملية الصراع والمواجهة واسعة النطاق التي شرع بها ضد منظمة مجاهدي خلق الى نتائج ومحصلات تختلف تمام الاختلاف عن الذي کان ينتظره ويتوقعه منها، ولاسيما بعد أن تجاوزت عملية الصراع والمواجهة حدود البلاد وباتت تجري على الصعيد الدولي حيث وکما فشل النظام في حسم الصراع والمواجهة لصالحه فإن المنظمة قد جعلت الموقف بالنسبة للنظام على الصعيد الدولي أکثر صعوبة وتعقيدا.
الخطأ الکبير الذي وقع فيه النظام الايراني في عملية صراعه ضد منظمة مجاهدي خلق، هو إنه قد إعتبر المنظمة مجرد تنظيم حزبي تقليدي کبقية الاحزاب والتنظيمات الاخرى التي قام بتصفيتها أو إقصائها، في حين إن المنظمة أثبتت عمليا بأنها حالة مختلفة وإنها تمتلك مشروعا سياسيا ـ فکريا ـ إجتماعيا ـ إقتصاديا متکاملا بحيث يمکن إستخدامه کمشروع بديل لإدارة الدولة وتسيير أمور الشعب الايراني، والاهم من ذلك إن للمنظمة جذور عميقة وقوية مترسخة في داخل مختلف شرائح وطبقات وأطياف الشعب الايراني.
صراع النظام الايراني ضد المنظمة قد قاد کما نعلم الى کشف إنتهاکاته وجرائمه ومجازره في مجال حقوق الانسان کما إنه أدى أيضا الى فضح الجوانب المشبوهة في البرنامج النووي وبرنامج الصواريخ الباليستية وأثبت في جانب آخر تدخلاته في بلدان المنطقة وتصديره للتطرف والارهاب وتورطه بأعمال ونشاطات إرهابية من خلال سفاراته في الخارج، وأخيرا وليس آخرا فقد کانت المحاکمات التي جرت وتجري لمسٶولين في النظام الايراني بتهمة إرتکاب جرائم إبادة ضد المنظمة أو السعي لتفجير تجمعاتها السنوية، وهو الذي منح مجاهدي خلق المزيز والمزيد من القوة والمصداقية أمام العالم وعلى العکس من ذلك بالنسبة للنظام.
النظام الايراني وعند إلقاء نظرة على تأريخه من خلال الاحداث والتطورات الجارية على طول العقود الاربعة المنصرمة، يتبين بأنه نظام يحترف إستخدام الکذب والخداع والتمويه ويمارس الارهاب بمختلف أنواعه من أجل بلوغ غاياته المشبوهة، ولاريب من إن إزدياد عدد البلدان التي باتت تکشف أعماله ونشاطاته الارهابية وتدينها بشدة وتسعى لمراجعة علاقاتها مع هذا النظام، دليل آخر يٶکد بأن منظمة مجاهدي خلق لم تکرس نضالها من أجل إنتزاع الحرية والديمقراطية من هذا النظام وإسقاطه فقط وانما سعت أيضا لإيلاء الجانب الانساني والدولي إهتماما ملموسا وجليا ولاسيما عند فضح النشاطات الارهابية له ودوره في نشر التطرف الديني الذي هو بمثابة الارضية الخصبة لنشوء الارهاب وتوسع دائرته، وحري بالمجتمع الدولي أن يبادر الى مراجعة حساباته مع هذا النظام وتحديد الموقف منه قبل أن تصبح الامور أسوء من ذلك.