الأربعاء, نوفمبر 27, 2024
Homeمقالاتكارثة المياه ومواقف دول الجوار إيران وتركيا: مصطفى محمد غريب

كارثة المياه ومواقف دول الجوار إيران وتركيا: مصطفى محمد غريب

لن نكرر ما قلناه سابقاً إن حرب المياه قادمة وهي ليست ضمن مخطط جديد استخدم الآن فحسب إنما مخطط مدروس نفذ على مراحل ووفق نهج يهدف الى الهيمنة والسيطرة والضغط بواسطة مصادر المياه مثلما هو حال العراق في الوقت الحاضر وما يواجه من تحديات ستلحق اضراراً جسيمة بجميع مرافق الحياة الاقتصادية والمعيشية والأمنية، وهذه المخاطر لمسناها في التصحر والجفاف وفي مجال حاجات الانسان الأخرى.على ما اعتقد أنه المقال الثالث الذي يتناول قضية أزمة المياه وتأثيراتها على حياة الشعب العراقي برمته دون تمييز أو تفريق ولا أدعي  أنها المقالات الوحيدة فيما يخص هذه الكارثة التي تعتبر من الكوارث التي صنعها الانسان وليس الطبيعة مثلما حال كارثة تشكيل الحكومة العراقية التي تتلاعب  وتتجاذب أكثرية القوى المتنفذة لتحقيق مصالحها ضاربي بعرض الحائط مصالح البلاد واكثرية الشعب العراقي، كارثة المياه  التي تتفاقم يوماً بعد آخر وشهراً بعد شهر منذ سنين اشتركت فيها الحكومات العراقية المتعاقبة ثم تأزمت أكثر خلال بناء السدود وقطع الروافد وتحويل الانهار من قبل الجارتين المسلمتين إيران وتركيا بدون مراعاة حقوق العراق المائية التي نصت عليها القوانين والاتفاقيات الدولية وبدون أي اعتبار للجيرة والحقوق المشتركة بما فيها التاريخية ، هاتين الدولتين اللتين لهما مصالح تجارية بمليارات الدولارات  تقفان في كل مرة موقف غير طبيعي شبه عدائي من قضية المياه ومصادرها 1 ـــ إيران أقرت مشاريع ضخمة لبناء 152 سداً عام 2011 مع تنفيذ سياستها باستنفاذ المياه الداخلية وبخاصة الأنهار والروافد مما سبب هذا الحصار المائي على اضرار واسعةً للأراضي الزراعية، ولم نلاحظ أي موقف أو إدانة من قبل الحكومات العراقية، او حتى المطالبة بتنفيذ الاتفاقيات الدولية المنظمة للحصص المائية لكل طرف من الأطراف، كما أغلقت إيران وحولت واقامت سدود على 45 نهر ورافد منها أنهار معروفة وتقوم من جهة أخرى اغراق أراضي عراقية زراعية بمياه المبازل المالحة إضافة الى صبها في شط العرب 2 ـــ أما تركيا فيعود الخلاف معها إلى بداية القرن العشرين ولهذا تم عقد اتفاقيات ضمت تركيا وسوريا والعراق من أجل تقسيم المياه وفق الأسس العامة التي اكدتها الاتفاقيات الدولية واعقبتها العديد من الاتفاقيات، لكن تركيا ترفض اعتبار نهري دجلة والفرات أنهار دولية واعتبارهما مجرد نهرين عابرين للحدود، وعلى الرغم من اللقاءات والمفاوضات فإن تركيا تصر على انتهاج سياسة مائية مغايرة للاتفاقيات الدولية وهي بهذا تخرق وتخالف المادة ( د ) من مبادئ هلسنكي سنة 1966 التي تنص على أن نهر الفرات نهراً دولياً وليس نهراً عابراً للحدود، إضافة إلى ذلك فإن تركيا اقامت سدود كبيرة على نهري دجلة والفرات فتسببت بتصحر وجفاف آلاف الهكتارات الزراعية وأدى ذلك الى الحاق اضرار غير قليلة بالمزارعين وتهديد حياة الملايين من العراقيين بالتأثير على مياه الشرب في المدن والقصبات . بينما تسدل الستارة على  هذه الجرائم بحق العراق والعراقيين ما عدا البعض من الأصوات الوطنية والديمقراطية ومحاولات تعبانة من قبل الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 للاتصال بالحكومتين الإيرانية والتركية واتخاذ موقفاً حازما ورفض  أي تجاوز إنما  الاتفاق على حلول عادلة وتثبيت الحقوق المائية وفقاً للقوانيين الدولية والعلاقات التاريخية، وبقيت معدلات انخفاض كميات المياه مستمرة بسبب  العديد من السدود، وسد ” اليسو” الذي بنته الحكومة التركية مما أدى الى انخفاض  منسوب المياه في نهر دجلة إلى نصف الكمية، وبما قامت به ايران بعد أن حولت جميع مجاري الأنهار وبناء السدود فقد خلقت هاتين الدولتين مشاكل كثيرة للعراق ومخاطر استمرار هذه السياسة المائية من قبل الجارتين سوف تزيد من معاناة العراقيين على كافة الصعد وبدلاً من تقديم التسهيلات والتعاون فإن البلاد وقعت بين فكي تركيا وإيران وظهر بما لا يقبل الشك ما أشارت  اليه التحذيرات والاستنتاجات بداية حرب المياه . لقد أكد مؤتمر بغداد للمياه بضرورة دعم العراق وفي البيان الختامي  ذكر مهدي رشيد الحمداني وزير الموارد المائية ” أن المؤتمر أوصى على دعم دول المصب العراق ومساعدته لمواجهه أزمة المياه والتغيرات المناخية، والتأكيد على ضرورة مبدأ تقاسم الضرر، وعدم رمي الملوثات في الأنهار” وهذا ما دل على حقيقة السياسة المضللة لدول المصب وما قامت به بخصوص التجاوز على الموارد المائية التي من حق البلاد الحصول عليها ووقف التجاوز على الحصة المتكفلة بالقوانين التي تنص على حق البلدان في تقاسم مصادر المياه وعدم التطاول عليه تحت أي حجة أن الازمة التي تفجرت في الأعوام الاخيرة بسبب السياسة المائية لدول الجوار وسياسة الحكومات الخاطئة وعدم الشعور بالمسؤولية واستشراق المستقبل واعتبار هذه  الازمات خطيرة جداً وضرورة معالجتها وهي تحتاج إلى اتخاذ خطوات عملية ملموسة بدلاً من الانتظار والاحتكام إلى عامل الزمن لأن السنوات القادمة ستكون اقسى وأمر مثلما ذكرنا في المقدمة خطورة امتداد حالة التصحر والاضرار التي ستلحق بالمزارع والبساتين ولهذا يجب اتخاذ قرار مرحلي واستراتيجي في انقاذ البلاد والمواطنين من ما ينتظرهم من مآسي إضافة للمآسي التي يعيشوها في مناحي عديدة، هذه المأساة تظهر بوادرها من خلال ما تقوم به الجارتين  من حرب المياه  والتي تفضي بالنتيجة  الى تصحر واسع واستمرار التوسع في جفاف الأراضي وتدمير البنى التحتية للعر اق.منذ 2003 ولحد كتابة هذا المقال نسمع عن جهود دبلوماسية بذلت وتبذل  من قبل حكومات المحاصصة في البلاد بهدف إيجاد حلول ناجعة لضمان الحقوق المائية …سؤال ـــــــ هل فلحت هذه الجهود بالنجاح مع تركيا في تخفيف أزمة نهري دجلة والفرات وغيرهما؟ وهل أفلحت مع إيران من أجل عدم زيادة التقليل في كميات المياه الواردة من الأراضي الإيرانية إلى سديّ دربندخان ودوكان في كوردستان العراقية؟ ــــــ للعلم تلبي الأنهار والسواقي المائية القادمة من إيران ثلث حاجة العراق، مثل نهر الزاب الأسفل يغذي بحيرة دوكان بدورها تغذي نهر دجلة.ونهر ديالى الكبير يغذي بحيرتي دربندخان وحمرين باعتبارهما خزان مائي لمنطقة شرق العراق وهناك نهرا الكرخة وكاراون.ـــــ بالله عليكم يا حكومات المحاصصة هل أفلحت الجهود الدبلوماسية أم أسفرت دائماً على تجاوزات من قبل إيران وتركيا لتقليص الار اضي الزراعية وزيادة التصحر وغيرها من الكوارث، المستقبل يبشر بمآسي اكبر اذا بقى التراوح في قضية حقوق العراق المائية

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular