(السومرية) – عيد البرونايا عند الصابئة المندائيين: أيام بيضاء لا يشاطرها ليل!.
بدأت احتفالات عيد الخليقة (البرونايا) عند طائفة الصابئين المندائيّين، أقدم طائفة توحيدية في العراق، وتستمرّ لخمسة أيّام.
بحسب تصريح أمين سر المجلس الروحاني العام للطائفة المندائية انمار عودة مهاوي لـ”السومرية”، في هذه الأيام تجلّت قدرة الخالق لخلق عوالم النور.
يمارس أبناء الطائفة طقوسهم في معبدهم “المندي” عند نهر دجلة في مدينة العمارة.
خصوصيّة هذه الطقوس دفعت البعض إلى اتهامهم بممارسة السحر والشعوذة، لكنّهم يؤكدون دائمًا إيمانهم بوحدة الله، خالق الأرض والسموات.
وأهمّ هذه الطقوس بحسب مهاوي، الصباغة، الذي يأتي منه اسم الطائفة إذ أن كلمة الصابئة مشتقة من الجذر (صبا) والذي يعني باللغة المندائية: “اصطبغ، غط أو غطس في الماء”.
وهو عبارة عن إدخال المعتمد إلى النهر وإخراجه كي يغتسل من ذنوبه وخطاياه.
وهناك طقس آخر، يخبرنا عنه مهاوي، هو الثواب. ويسمى بالآرامية بـ(الفاتورة) أي المائدة. ويمارس هذا الطقس من خلال مشاركة أرواح الموتى ومساعدة المخطئين منهم عن طريق تلوة إحدى الصلوات على طعام ما، لإرسالها ثوابًا إلى النسمة الموجودة هناك حتى تنفك من خطاياها.
تزامنًا مع ممارسة الطقوس، تتضمّن هذه الأيام الخمسة العبادة والصوم، ليس فقط عن الطعام بل عن كل ما قد يؤذي النفس.
أمّا اللباس المعتمد فأبيض اللون، في إشارة إلى النقاء والنور في هذا العيد الذي تشكّل عودة الانسان الى الفطرة النورانية الأولى غايته الأساس.
ورغم ارتباط طقوسهم بالمياه، رمز الحياة، لم يمتهن أبناء الطائفة الزراعة أو الصيد بل اشتهروا بنشاطهم الحرفي مثل صناعة المشاحيف، القوارب وأدوات الصيد في القرى والحدادة، النجارة والصياغة في المدن.
عقائديًّا، ترتكز الديانة على كتاب “كنزا ربا” الذي يجمع صحف الأنبياء آدم وشيت وسام، بالإضافة إلى كتاب السيدرا وهو كتاب تعليمي لطقوس الديانة وتعاليمها ويشمل معلومات عن الزراعة ومواعيدها ومواعيد الأمطار.
أمّا اللافت فهو أن لكل شخص من أبناء الصابئة اسمين، الأول هو الاسم المدني والثاني وهو بحسب اسم الأم.
ولهذه الطائفة أربعة أعياد يحتفلون بها سنويًا وهي: العيد الكبير أو ما يسمى باللغة الآرامية (بالبنجة) أي عيد الخليقة، دهوا ربا، دهوا حنينه وآخرها عيد التعميد الذهبي أو دهوا اد ديمانة.
وتتخطّى الاحتفالات بهذه الأعياد حدود بلاد الرافدين لتشمل فلسطين، الشام ومصر وبلدان أخرى إلا أن محافظة ميسان العراقية تعتبر عاصمتهم. فهم هاجرو إليها من فلسطين بعد وفاة النبي يحيي بسبعين عاماً؛ أي عام 30 ميلادي، واستقروا فيها بعد بناء المعابد.
ويقدّر عددهم بالعراق بحوالي 10 آلاف شخص، ويتمتّعون بحقوق وواجبات إسوة ببقية المواطنين العراقيين.
كذلك، تجمعهم بالطوائف الأخرى علاقات طيبة وأخويّة لا تشوبها أيّ خلافات أو نزاعات.
وتحرص السلطات العراقية على حماية طائفة الصابئين المندائيّين وتوكيل شخصيات رسمية بحضور احتفالاتها، تكريسًا منها للتنوّع الطائفي الذي يشكّل غنًى للمجتمع العراقي.
وواكب مصوّر قناة السومرية، علي جاسم الاحتفالات القائمة السنة ووثّقت عدسته أجمل اللحظات وأهمّها.