ليس من السهل أبدا على طهران أن تعيد سيناريوهات سابقة وتحصل على مكاسب وإمتيازات نوعية في مقابل تقديمها تنازلات محدودة كما حدث في الاتفاق النووي الذي تم إبرامه في أواسط تموز2015، إذ أن سياسة اللين والتساهل التي إتبعتها الادارات الامريكية السابقة، لم تعد موجودة في العهود التالية حيث يبدو هناك على الارجح سياسة تتسم بحزم وصرامة ملفتة للنظر تجاه طهران، وبعد فواصل متباينة من التصريحات المتشددة ضد الولايات المتحدة وأوروبا والمنطقة، والتي لم تلق أي إهتمام وردود فعل مٶثرة بحيث تحرك الاوضاع بإتجاه يمكن أن يخدم طهران، فإنها لجأت الى إتخاذ خطوة عملية بزيادة عمليات تخصيب اليورانيوم، وهي خطوة لايبدو إنها قد لاقت سوى الرفض والتنديد على الصعيد الدولي وحتى إن الصين وروسيا لم تٶيدا هذه الخطوة لکونها بمثابة اللعب بالنار.
القادة الايرانيون الذي يسعون للظهور بموقف حازم يبدو عليه التماسك في مقابل الامريكيين، لكن واقع الامر في طهران لا يدل على ذلك أبدا، إذ إضافة الى الخلافات الحادة في المواقف في داخل النظام الايراني نفسه ووجود حالة من التخبط والتناقض في التصريحات والمواقف والتي تعکس وتجسد حراجة الاوضاع عامة والحاجة الماسة جدا لرفع العقوبات الدولية، مع ملاحظة إن رفع العقوبات وإنهاء العزلة الدولية لن تحل مشاکل وأوضاع النظام السيئة تماما کما حدث وجرى بعد الاتفاق النووي للعام 2015، وإن الازمة التي يواجهها النظام حاليا لا يمكن حصرها بالمواجهة مع الولايات المتحدة الامريكية وبآثار وتداعيات العقوبات الدولية فقط، فذلك مجرد جانب منها لكن الجوانب الاهم من الازمة هي من تراكمات تجربة الحكم طوال العقود الاربعة المنصرمة والتي قادت الشعب والبلاد الى طريق مسدود تماما.
مزاعم ومظاهر المواجهة ضد الولايات المتحدة والوقوف كند بوجهها، هو أمر مستحيل بالنسبة لهذا النظام الذي يمكن تشبيه حاله بسباح هرم ذراعاه متهالكتان ويحاول أن يسبح ضد تيار عات، من الواضح إن النظام قد وصل الى نقطة اللاعودة إذ لم يبق لديه من مجال للرجوع الى الخلف ولا التقدم للامام بما يمكن أن ينفعه بل إن أمام ثلاثة خيارات قاتلة: أولها مواجهة عسكرية خاسرة، ثانيها القبول بالشروط الدولية وهو ما يعني إستسلام النظام ورضوخه بمنتهى الوضوح کما إنه وفي النتيجة لن يکون بمثابة العامل الذي سيغير الاوضاع رأسا على عقب لصالح النظام کما يصور النظام ذلك، والخيار الثالث هو تجنب الخيارين والاستمرار في موقف متعنت حتى ينفجر الشعب بوجه النظام في إنتفاضة غير مسبوقة تنبأ ويتنبأ لها القادة والمسٶولون الايرانيون بأنفسهم قبل غيرهم!