يشهد إقليم كردستان ومدن أخرى، استعدادات قبيل تاريخ 21 آذار من كل عام، للاحتفال بأعياد نوروز التي يتخللها مراسيم وطقوس رسمية مستمدة عبر الأجيال، وذلك إلى جانب أقوام أخرى تحتفل بهذا اليوم بطقوس قد لا تختلف كثيراً عن تلك التي يجريها إقليم كردستان، فما قصة هذا العيد؟.
“نوروز” أو “اليوم الجديد”، هو مناسبة أبدعتها البيئة منذ عصورها الأسطورية في دول الشرق، يحتفل به أقوام عدة بدءاً من قرغيزستان ومنغوليا امتدادا الى البحر الأبیض المتوسط ويحتفل فيه نحو 300 مليون شخص، بحسب “اليونسكو”.
يرتبط “نوروز” في البدء بالتقويم الطبيعي وانتهاء الشتاء فلكياً في الـ 21 من اذار ايذاناً بحلول الاعتدال الربيعي ومساواة الليل بالنهار وانتعاش الطبيعة، وتحتفي الشعوب بنوروز تحت عناوين مختلفة كـ”عيد الشجرة” و”عيد الأم”.
قصة “عيد نوروز”
الرواية الكردية لـ”نوروز” تتمحور حول شخصية ملك جائر اسمه “ضحاك”، تقابلها شخصية “كاوه الحداد” الثائر المنتفض في وجهه، حيث “انتفض الأخير على الملك ضحاك الطاغية وقتله بفأسه في لحظة غفلة عند دخوله عليه ويشعل النار في الجبال إعلانا للنصر”.
وفي التفاصيل تقول الأسطورة الكرديّة، إن ملكا من ملوك الأكراد عُرف بجوره واستباحته لدماء الشباب من أجل الشفاء من مرض خبيث أصابه، ويُصادف يوم التحرر من ظلمه يوم الاعتدال الرّبيعي.
وبحسب هذه الأسطورة قامت مجموعة من الشجعان بقيادة “كاوة الحداد” بالانقلاب على حكمه، وبعد ذلك أوقدوا الجبال بالمشاعل احتفالا بالنصر والتخلص من الاستبداد والاستعباد. فكان ذلك اليوم هو يوم عيد قومي يُدعى لديهم النوروز.
ويعد الشاعر الكردي “بيره ميرد” أول من خلد الملحمة الكردية لنوروز مطلع القرن العشرين في السليمانية، عبر إقامة مهرجانات شعبية تراثية لها في تلة “مامه ياره” كل عام.
يواجه “عيد نوروز” تحفظات إسلامية على اعتباره عيداً يتعارض مع المفاهيم الإسلامية، فضلا عن اختلافات إزاء دقة الروايات الأسطورية القديمة.
ويصادف “نوروز” أول أيام السنة وفق التقويم الفارسي الشمسي وكذلك أول أيام السنة الكردية في التقويم المحلي.
وكانت اليونسكو قد أدرجت “نوروز” في القائمة النموذجية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، كما اعترفت بيوم 21 آذار بوصفه “يوم نوروز الدولي”. والتراث الثقافي غير المادي هو الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية، وتعتبرها الجماعات والمجموعات وأحيانا الأفراد جزءا من تراثهم الثقافي المنقول عن أجدادهم.
ويُعد النوروز من أبرز الأعياد عند القومية الفارسية ويُحتَفل به في إيران وأفغانستان وتركيا والعراق وسوريا.
ويعود الاحتفال بهذا العيد إلى أكثر من 2000 سنة، ومازال هذا العيد يُحافظ على مكانته الكبيرة لدى الشعوب التي تستبشر بحلوله من مناطق آسيا الوسطى والصغرى والغربية وفي المناطق الشمالية للعراق بما فيها “اقليم كردستان”.
وإذا تعمقنا في جذور كلمة نيروز وجدنا تنوعًا من حيث المراجع، لكن جميعها يؤكد على مفهوم واحد هو “اليوم الجديد”.
فحسب اللغة الفارسية، “نو” تعني جديد و”روز” تعني يوم، وبذلك يكون المعنى “يوم جديد”، وهو بالفعل كذلك لأول يوم في دورة كل سنة جديدة، وهو يوم “التحويل” مثلما أُطلق عليه سابقًا.