كان والد آليا متربصاً في ناصية الزقاق بانتظار عودة ابنته وبيده بندقية كلاشينكوف، وقبل أن تصل آليا عتبة المنزل، أفرغ في جسدها ست طلقات.
وقع الحادث فجر يوم الجمعة، 18 آذار 2022، وسط قضاء سوران شمال شرقي محافظة دهوك.
وذكر بيان لمديرية مناهضة العنف ضد المرأة والأسرة في سوران بأنه تم ابلاغهم في الساعة الثالثة من فجر يوم الجمعة عن نقل جثة امرأة الى مستشفى الطوارئ وتبين بأن “والد الضحية أطلق عليها ست طلقات فلقيت حتفها على الفور”، حسب التحقيقات الأولية.
الضحية آليا كانت تبلغ من العمر 15 سنة، وكانت تعيش في منزل والدها بعد انفصالها عن زوجها.
مصدر مطلع على تفاصيل الحادث قال لـ(كركوك ناو)، “كان والد آليا ينتظرها وبيده بندقية كلاشينكوف، لأن ابنته لم تكن في البيت في تلك الليلة وعادت في وقت متأخر”.
آليا كانت طالبة تسكن في حي شهيدان وقد تعرضت لإطلاق نار من قبل والدها واصيبت بست طلقات
“آليا كانت داخل مركبة ونزلت منها بعد أن وصلت الى الزقاق الذي يقع فيه منزل والدها، وقبل أن تصل عتبة المنزل أطلق عليها والدها وابلاً من الرصاص، أصابت عدة طلقات المركبة، ووقعت آليا على الأرض ولم تتمكن من الهرب”.
وأضاف المصدر، “كان هناك شابان داخل المركبة، لاذ كلاهما بالفرار”.
وفقاً لمتابعات (كركوك ناو)، تم تزويج آليا وهي بعمر الثالثة عشرة، وتركت الدراسة في حينها، لكن (كركوك ناو) لم تتمكن من الحصول على معلومات حول ما إذا كان عقد الزواج قد أُصدر من قبل المحكمة أم أن الزواج تم خارج المحكمة”.
حسب القوانين المعمولة بها في العراق، يُسمح للفتيات فوق سن الـ15 بالزواج وفق عدة شورط.
لكن بياناً آخر من مديرية مناهضة العنف ضد المرأة والأسرة في سوران أشار الى أن “آليا كانت طالبة تسكن في حي شهيدان وقد تعرضت لإطلاق نار من قبل والدها واصيبت بست طلقات فارقت على إثرها الحياة في الحال”.
ويأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه أكثر من مصدر لـ(كركوك ناو) بأن آليا تركت الدراسة بعد زواجها قبل عامين.
في البداية عزت مديرية مناهضة العنف ضد المرأة والأسرة مقتل آليا الى “مشكلة اجتماعية”، بالرغم من أن الشرطة قالت بأن التحقيق في الحادث سيبدأ بعد عطلة عيد نوروز الذي يستمر لأسبوع”.
بعد مرور عامين على زواجها، انفصلت آليا عن زوجها و عادت الى منزل والدها.
حين نُقِلت جثة آليا الى مستشفى طوارئ سوران، لم يتواجد أي من أقاربها من الدرجة الأولى أو الثانية لتسلم جثتها بل حضر بعض أقاربها البعيدين والذين أخبروا الشرطة بأن آليا فتاة بكر ولا زالت طالبة، فنُقلت الجثة الى دائرة الطب العدلي بأربيل للتأكد، لكن “تبين بعد ذلك بأن آليا تزوجت في الثالثة عشرة من عمرها وتركت الدراسة”، حسبما قال المصدر لـ(كركوك ناو).
منذ مطلع العام الحالي، قُتِلت عدة نساء وفتيات في اقليم كوردستان بدعوى “الشرف أو وجود مشاكل اجتماعية”، من بينهم ماريا سامي (20 سنة) التي قُتِلت على يد شقيقها في أربيل، وشنيار أنور (21 سنة) التي قُتِلت على يد زوجها في السليمانية.
بهار علي، المشرفة على تحالف نساء كوردستان، وهي جبهة تضم عدداً من المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة، قالت لـ(كركوك ناو)، “أصبحت آليا سادس عشرة امرأة تُقتل حتى الآن منذ بداية هذا العام”.
والد آليا سلم نفسه للشرطة مباشرة بعد ارتكابه الجريمة، كما ألقي القبض على الشابين اللذين كانا متواجدين في المركبة التي أقلّت آليا”.
“مسار التحقيقات بانتظار عودة التقرير الطبي من دائرة الطب العدلي بأربيل بعد انتهاء أعياد نوروز (يوم الأحد المقبل، 27 آذار)، لم تبدأ التحقيقات مع والد آليا والشابين، حيث تأجلت الى ما بعد عطلة نوروز”، وفقاً للمصدر.
بالرغم من أن القوانين في اقليم كوردستان مشددة إزاء قتل النساء، لكن عدم تنفيذ تلك القوانين من اسباب استمرار حالات قتل النساء
تشير إحصائيات المديرية العامة لمناهضة العنف ضد المرأة والأسرة الى مقتل 24 امرأة في اقليم كوردستان خلال العام الماضي، فضلاً عن تسجيل 62 حالة “انتحار” وأكثر من 78 حالة “حرق النفس”.
المتحدث باسم مديرية لمناهضة العنف ضد المرأة والأسرة في سوران، النقيب شيروان خالد، قال لـ(كركوك ناو)، بأن آليا أول امرأة تُقتل ضمن حدود إدارة سوران، لكن في شهر كانون الثاني من هذا العام أقدمت امرأة أخرى على “قتل نفسها بالرصاص”.
ولفت الى أن “قضية آليا هي الثانية منذ عام 2015 لنساء قُتِلن على يد أقاربهن، نحن بانتظار انتهاء عطلة نوروز لكي نبدأ إجراءات التحقيق”.
وفقاً للإحصائيات الرسمية، قُتِلت أكثر من 300 امرأة في اقليم كوردستان منذ عام 2015 حتى الآن.
تقول المشرفة على تحالف نساء كوردستان بأن إحدى مشاكل النساء اللائي يتم تزويجهن قبل بلوغ سن الثامنة عشرة تتمثل بأن أغلبهن ليست لديهن ملفات قانونية في المحاكم، لأن عقد قرانهم لم يتم داخل المحكمة، وعند إنجابهن لأطفال يواجهن مشاكل في إصدار بطاقة الأحوال المدنية”.
وقالت بهار علي، “بالرغم من أن القوانين في اقليم كوردستان مشددة إزاء قتل النساء، لكن عدم تنفيذ تلك القوانين من اسباب استمرار حالات قتل النساء”.
في اقليم كوردستان، يتم التعامل مع قضايا قتل النساء بموجب المادة 406 من قانون العقوبات العراقي الذي ينص على عقوبة السجن المؤبد أو الاعدام، كما لا يُشمل مرتكبو تلك الجرائم حسب القانون بأي عفو عام أو خاص.
فرمان صادق – أربيل