نوروز عيد رأس السنة الكُردية الآرية، يعني اليوم الجديد وتجدد الحياة وتذكير جميع الشعوب الآرية في التمسك بالأصل والعادات والتقاليد والطقوس, ولا يمكن أن يتخلى عنها أبدا مهما تغيرت الأفكار والمعتقدات والتوجهات في الأزمان والعصور, والاحتفال بها والخروج إلى السفرة في الطبيعة الخلابة إنما هو تعبير صادق لتلك الطقوس والعادات في يوم نوروز قبل آلاف السنين, فيحيونها الشعب الكُردي بكل حب وإخلاص في احتفالات عظيمة في كل عام تعطي الانطباع في المحافظة والتمسك بالأصل والجذور والعقيدة.
ويلبسون الزّي الكُردي الجميل ويشعلون النيران في الأماكن المرتفعة، إيذانا بانتهاء حكم الطاغية (اشدهاك).
نوروز مصطلح كردي يتكون من مقطعين الأول (نوَ) يعني الجديد و(روز) يعني النهار الجديد وهو اليوم الأول للعام الشمسي الايزيدي (الكُردي) واليوم الثامن لشهر آذار من التقويم الشمسي (البابلي ـ الايزيدي) ولو أضفنا الفارق بين التقويمين الإيزيدي والميلادي(13) يوما لأصبح (8+13)=21 وهي يوم الاعتدال الربيعي في شهر آذار حسب التقويم الغربي الميلادي وهو اليوم نفسه حسب التقويم الشمسي الإيزيدي(الكُردي) الذي يتساوى فيه الليل والنهار.
انه اليوم الذي يحتوي على معان كبيرة وعميقة في المعنى الديني والتاريخي والفلكي لذلك الزمان و أحد أقدم الأعياد الذي عرفها الشعب الإيزيدي (الكُردي) قبل الميلاد بآلاف السنين، انه العيد الذي كان يمارس طقوسه في بداية السنة الشمسية الإيزيدية في التقويم الشمسي المستخدم عبر الزمان في (سومر و بابل وميسوبوتاميا)، وهذا ما يظهر من بدء هذه التقاويم بشهر نيسان وبأعياد رأس السنة لتلك الحضارات مع عيد رأس السنة الكردية.
يعتبر زاوية ميلان كوكب الارض على مداره(23,5) درجة, في حركة الأرض المحورية على مدارها الاهليجي حول الشمس, السبب الرئيسي في احداث ظاهرة الفصول الأربعة، ان كوكب الارض تمر في مدارها بأربعة مواقع فلكية مفصلية. تدور الارض حول نفسها مرة كل 24 ساعة تقريباً من منظور شمسي، وتدور مرة كل 23 ساعه و56 دقيقة و4 ثواني من منظور نجمي.
وتستغرق كوكب الارض لإكمال دورة كاملة حول مدارها(الشمس) بـ (365,25)يوما تقريبا، وتساوي(360)درجة, وهذه المواقع الفلكية الاربعة هي الاعتدالين الـ (ربيعي ــ خريفي)اللتين تتساوى فيهما ساعات الليل والنهار في جميع أرجاء العالم، والانقلابين الـ (صيفي ــ شتوي)اقصى الاختلاف بين زمن وطول الليل والنهار فيهما.
حيث إن الشمس تشرق في يومي الاعتدالين في(20/3 ــ 22/9) من الشرق تماما وتغرب في الغرب تماما، ولكن يبدأ موقعها في التغيير بعد ذلك بالميلان نحو الشمال الارضي درجة, الى ان يتكمل(90)درجة, وحتى يحين موعد بداية فصل الصيف من الوجهة الفلكية في يوم(21/6) يونيو، حيث تشرق الشمس في هذا اليوم من جهة الشمال الشرقي وتغرب في جهة الشمال الغربي بالتحديد.
وبعد هذا التاريخ تنقلب حركة الشمس ظاهريا في السماء نحو الجنوب(وهي حركة الارض), لذا يسمى هذا اليوم بيوم الانقلاب الصيفي بحيث يكون النهار في نصف الكرة الشمالي أطول من الليل عكس النصف الجنوبي للأرض يكون الليل فيها اطول من النهار, وبعد ذلك تتحرك الشمس ظاهريا نحو الجنوب بشكل يومي وتتحرك الارض في كل يوم درجة زاوية, وتساوي (1,2) دقيقة الى ان يكتمل(90) درجة في حركة كوكب الارض التراجعية, إلى أن يحين موعد الاعتدال الخريفي, والذي يوافق يوم(22/9) سبتمبر من كل عام تقريبا، حينها تشرق الشمس مجددا من الشرق تماما وتغرب في الغرب تماما مرة أخرى.
تكتمل الشمس حركتها الظاهرية نحو الجنوب إلى أن يحين موعد بداية فصل الشتاء من الناحية الفلكية، حيث تشرق الشمس من جهة الجنوب الشرقي، وتغرب في جهة الجنوب الغربي بالضبط. وبعد هذا التاريخ تنقلب حركة الشمس ظاهريا في السماء نحو الشمال الارضي, لذا يسمى هذا اليوم بيوم الانقلاب الشتوي حيث يكون أقصر نهار وأطول ليل في العام.
في الاعتدال الربيعي تشرق الشمس لأول مرة منذ ستة أشهر على القطب الشمالي للكرة الارضية ليبدأ نهار طويل ومتواصل لمدة (6)أشهر أخرى، حيث لا تغيب الشمس خلال ما يقارب(180) يوم. في حين تغرب الشمس لأول مرة منذ (6) أشهر على القطب الجنوبي، ليبدأ ليل طويل مدته(6)أشهر اخرى. والسنة في القطبين تساوي يوما واحدا النهار يساوي(6) اشهر, والليل ايضا تساوي (6) اشهر اخرى
هناك عوامل اخرى في احداث الطقس والمناخ في الفصول الاربعة في السنة, هي المدار الأهليجي الذي يتحرك عليه كوكب الارض في حركتها المدارية حول الشمس, حيث أن النصف الشمالي من الكرة الأرضية يحدث له عكس ما يحدث للنِّصف الجنوبي, فإذا كان في النصف الشمالي شتاء, سيكون لدى سكان النِّصف الجنوبي صيف, وإذا تغير الطقس بعد ستة أشهر وأصبح في النصف الشمالي صيف, فإن الناس في استراليا ونيوزيلندا وشيلي .. يصبح عندهم شتاء, وهكذا تتحرك الارض حركتها حول الشمس محدثة ظاهرة الفصول الاربع في كل عام .
الفرق بين بعد وقرب الارض من الشمس مقارنة مع المسافة بينهما نسبية وقليلة قد لا تؤثر بقدر زاوية ميلان محور الارض على مدارها حول الشمس, عندما يكون كوكب الأرض في أوجها تكون في أبعد نقطة عن الشمس والمسافة بينهما عند هذا الحد تساوي(152) مليون كيلو متر، وعندما تكون الأرض في حضيضها, تكون كوكب الارض في أقرب نقطة من الشمس والمسافة بينهما تساوي(147)مليون كيلو متر، الفرق بين الحالتين(البعد ــ القرب) هي(5) مليون كيلو متر، وهذه مسافة قصيرة نسبة إلى البعد الشاسع والكبير لكوكب الارض عن الشمس, لها تأثيراتها في احداث التغييرات في الطقس والمناخ وظاهرة الفصول على مدار السنة
ان حساب الفصول والمناخ والطقس في الحساب الايزيدي وحسب التقويم الشمسي الذي يتأخر تاريخ حسابه بـ (13)يوما عن التقويم الميلادي. ونجد ان ظاهرة الفصول والمواقع الفلكية الاربعة في الاعتدالين, وهما عيد رأس السنة الايزيدية(سرسال)الذي يبدأ في اول اربعاء من شهر نيسان, وربما في اول اربعاء من بداية السنة(الفلكية) وحسب التقويم الشمسي(تاريخ الابراج), وكما كانوا يحتفلون بهذا العيد في سومر وبابل واشور وكان في بداية برج الحمل يوم(الاعتدال الربيعي)في يوم (21/3). وبعد (6) اشهر من هذا العيد يقابلها عيد الجما في تاريخ الانقلاب الخريفي, وهي في نهاية برج العذراء(22/9), بخلاف بسيط من (5 ــ 12) يوم فقط بينهما رغم مرور الالاف السنين على التقويم الشمسي الايزيدي دون اصلاح.
المصادر التاريخية تؤكد بأن السومريين في أور وبابل هم أول من احتفلوا بعيد رأس السنة(زكَموك)(زكَماك) هو عيد اله الخير والربيع (الشمس) لدى السومريين، وأهل سومر كانوا يحتفلون بعيد الإله في اليوم الأول من ربيع كل عام ، وتتفق أغلب المصادر التاريخية على أن السومريين قد نزحوا من جبال كردستان نحو جنوب بلاد مابين النهرين ، مما يعني ان معتقداتهم كانت تشابه معتقدات شعوب كردستان القديمة.
كان السومريون يحتفلون بهذا العيد مرتين في السنة الأولى في (21) آذار والثانية في(21)أيلول وجعلوا عيد رأس السنة السومرية في21 آذار(شيكوركو)وهي تسمية آذار عند السومريين وأسموه عيد (زكَمك الأول)وهي كلمة كردية تعني الولادة والتجدد في الاعتدال الربيعي ونشاط ولادة الحيوانات ونمو النباتات فيها.
أما في 21 أيلول(آكيتي)وهي تسمية شهر أيلول عند السومريين حيث يكون عيد (زكَموك الثاني) الذي يعني الموت والبذار(دفن البذور) والدخول في فترة سبات وموت جديد كما وصفه السومريون ونزول الإله (إنانا) إلى العالم السفلي. ويبدو أن السنة السومرية كانت منقسمة إلى نصفين الأول ربيعي زكَماك الأول و خريفي (زكَماك)الثاني.
هناك اشارات اخرى فلكية اهمها : الظاهرة الفلكية في الانقلاب الخريفي لدى الايزيدية, هي ظهور نجمة سيرس أحدى أكبر النجوم في برج الصياد, وتسميتها في الايزيدية(قرغ). وتظهر في السماء في بداية الخريف, إنها دلالة على تغير المناخ والطقس. وتعني القرغ على النار القوية المشتعلة في حركتها الضوئية المتلألئة للناظر، وتغير الألوان فيها بين لحظة وأخرى على مدار السنة، مما يدل على شدة ضوئها في بداية ظهورها في الأفق. وهي أشارة على الاعتدال وتغير المناخ نحو البرودة، وتنخفض درجات الحرارة يوما بعد يوم، وكلما ارتفع نجمة (القرغ) في سماء الليل..
قاسم مرزا الجندي
20/3/2022
شكرا على ماورد لكن الواجب ذكر المصادر حتى نكون اكثر فلكيا في الارقام .. هناك خطأ لك في التقويم السومرى حيث كان يعتمدون التقويم القمرى وليس الشمسي كما ذكرت بينما البابلين وبعدهم استعملوا الشمسي وارد ذلك. وحتى اليهود اعتمدوا التقويم القمرى لدقته ثم تحولوا الى الى قواعد الخوارزمية لضبط مواعيد تعارض يوم السبت المقدس لهم وحتى الخوارزمية غايتها رصد ضبط الهلال وكبس السنه ولازال الصين والهند يستعملون التقويم القمرى …ومهما يكن فان الاديان اخذت لها تقويم دينية مرتبطة بتاريخها وليس رقمية في الحساب نتج منه تسميات التقويم العبري والميلادى والهجرى وايضا هناك تقويم هجرى شمسي ونسبة اي تقويم هو رقمي حسابي ورياضي وليس بالضرورة ديني قمرى او شمسي والله اعلم .