الهموم صفة تتلبس الأكثرية افراداً وجماعات في حالات القهر والظلم أو التجاوز على الحقوق وتحريف الحقائق ولا نرغب الاطالة في أسباب الهموم الكثيرة، لكننا نقول للأمانة كان هم إزالة الدكتاتورية وإعادة بناء العراق بشكل ديمقراطي حر واطلاق فسحة واسعة من الحريات الشخصية والعامة أمل أكثرية العراقيين المكتوين بالإرهاب والبطش ولا زمهم هذا الهم حوالي 35 عاماً ، ولما انفرج نسبياً بسقوط النظام وتنفس الأكثرية بالخلاص من الهم إلا أنهُ عاد بشكل آخر الاحتلال الذي أذل البلاد والعباد وجعلها مسرحاً مفتوحاً أمام الإرهاب والميليشيات الطائفية المسلحة والمافيا السياسية والحرامية الذين نهبوا بغداد والبلاد ،وإيران وتركيا وكل من هب ودب، وتدرج همْ العراقيين من شهر لشهر ومن سنة إلى سنة وها هو همٌ يمكث حوالي أكثر من ( 18 )عاماً ما زال جاثماً على الصدور، وللعلم فان آفة المحاصصة الطائفية عبارة عن همْ مازال متغلغلاً في قلوب أكثرية العراقيين ولهُ طرق وفروع عديدة وتحت مسميات مغرضة “ما انزل الله بها من سلطان”، من أهم هذه الفروع هو قانون الانتخابات المفصل على قياس القوى المتنفذة صاحبة القرار ثم المفوضية العليا للانتخابات الموزعة بينهم، إلا أن الهمْ المتفرع من كل هذه المسميات هو الانتخابات، مجرياتها منذ البداية حتى الحصيلة الأخيرة، فمنذ أن يعلن فتح الباب على إجراء الانتخابات واثنائها ثم نتائجها تتعرى التجاوزات والطرق التي تستغل السند القانوني من أجل التلاعب والتزوير والاتفاقيات غير الحميدة، إضافة إلى انتخابات الرئاسات الثلاثة ومنها يتفرع تشكيل الحكومة مع العلم أن الدستور المشكوك بأمره قد وضح بشكل معروف الطريق القانوني حتى الدستور الذي لنا مآخذ عليه وطالبت كل القوى الشريفة تعديله بما فيهم رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي الذي طالب يوم الاحد 20 / 3 / 2022 ” إلى تعديل الدستور ومعالجة اسباب الانسداد السياسي الذي يمر به العراق حاليا وطالبت القوى السياسية بتحمل مسؤوليتها وتشكيل حكومة تعمل لإعادة الاعتبار لكل العراق” حتى هذا الدستور رسم الطريقة للانتخابات، وتشكيل الحكومة العراقية، إلا أن القوى السياسية الدينية وبخاصة الشيعية المتنفذة ظلت تفكر بطريقة التفوق للحصول على الحصص الكبيرة ثم شعورها بالخوف من فقدان السلطة وعدم الحصول على مكاسب أعلى حتى من حلفائها وهي لا تشعر بالمسؤولية وتستمر في التسويف والتماطل في تشكيل الحكومة ، ولا نتذكر منذ اول انتخابات تشريعية 2005 أن الحكومة تشكلت بعد فرز النتائج مباشرة بدون جر الحبل أو المساومات غير المبدئية وهي دائماً تأخذ حيزاً من الوقت الطويل نسبياً، ومن الضغط الهائل على الأعصاب فيزداد الهم هماً تمعناً في الأذية ، ولا نريد التحدث عن هم إبراهيم الجعفري، ولا رفيقه نوري المالكي ولا رفيقهم حيدر العبادي ولا عادل عبد المهدي الذي ساهم ليس في زيادة الهم فحسب بل شَعّبه وعمقه بالاغتيال والقتل والخطف وشراء الذمم والميليشيات المسلحة التي توجهت لأفشال انتفاضة تشرين وقد فتتوها بعد ذلك بطرق عديدة لكن لهيب الرفض للفساد والمحاصصة مازال كامناً في صدور المئات من آلاف المواطنين وينتظر اللحظة، واليوم أي بعد إزاحة عادل عبد المهدي وتكليف مصطفى الكاظمي وإنجاز قضية الانتخابات ثم ظهور النتائج فقد برزت المشكلة الأعظم بسبب الخلافات بين المكون الشيعي الذي يقود السلطة منذ الانتخابات التشريعية الأولى الذي يحاول أن لا يرى ما حل بالبلاد من الكوارث، وما حل من مآسي بملايين العراقيين الكادحين والفقراء والعاطلين وأصحاب الدخل المحدود، إلا أن المعضلة في الكذب والتشويه هو ديدن البعض من هذه القوى، ونكران هذا الخلاف والصراع غير المبدئي على السلطة، وتدخل إيران بشكل سافر من أجل مجيء حكومة اذا لم تكن ” طهرانية” فحسب بل على الأقل موالية، وينبري سعد السعدي عضو المكتب السياسي لحركة عصائب الحق ناكراً الخلاف بل يؤكد يوم الاثنين 21 / 3 / 2022″ أن “نقطة الخلاف بين الاطار والتيار تتبلور نحو الكيفية التي يتم من خلالها تمرير المرشح ( المقصود رئيس الوزراء ) وبالتالي فأن الانفراجة غير موجودة للازمة السياسية الراهنة والحل يكمن في التفاهمات بين الطرفين” دعنا نصدق هذا القول لا خلافات إلا ” تمرير الترشيح” لكن المشكلة كيف نصدق أن تاريخ الانتخابات التمهيدية كان في 10 / أكتوبر / 2022 أي مرور اكثر من 5 شهور على قضية بسيطة وبسيطة جداً وهي ” الترشيح” فحسب ولا توجد أي خلافات.. من يصدق ؟ فمن يصدق لا عقل له!
أما التدخل في الشؤون الداخلية فهو ظاهر بدون أي التباسات أو محاولات الانكار فها هي الاخبار تؤكدعن وجود العمید إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في بغداد العديد من المرات وعقد سلسلة من الاجتماعات بالإطار ثم التيار الصدري وحتى مع مسعود البرزاني بهدف تشكيل الحكومة الجديدة وفق المحاصصة بدون أي تغيير، وعندما ظهرت خلافات حادة بين الفرقاء وإن الحزب الديمقراطي الكردستاني مصر على حكومة الأغلبية حسبما تشير الأنباء قام الحرس الثوري الإيراني وهذا ما اعترف به “بمكافأة أربيل!!” حيث تعرضت ليلة الاحد 13 / 3 / 2022 إلى هجوم بـ ” 12 ” صاروخاً باليستياً” حسب تصاريحهم انتقاماً من إسرائيل التي قتلت ضابطين وجنوداً في سوريا، وإسرائيل كما يقول المثل العراقي ” تلعب الشوملي يومياً في سوريا *” ولم يقصر ايرج مسجدي السفير الإيراني من السير على هدي تشكيل الحكومة العراقية وفق المفهوم المتفق عليه حيث أعرب ” البون والشرخ بين القوى الشيعية لا ينبغي أن يستمر ” وهو بهذا وصل إلى الهدف الذي يسعون اليه “والله وحده يعرف ما في الغيب” ولا نزيد أكثر
هذا هو الهم العميق الذي لا يفارق أكثرية العراقيين المنتظرين تشكيل الحكومة التي لن تفعل أكثر من سابقاتها ولكن على الأقل يقال ” توجد حكومة!” وليس حكومة تصريف أعمال أو بلد بدون حكومة وبدون رئيس جمهورية ومن هنا الخوف من المثل : ضرط وزانها وضاع الحساب” والكثير منا يعرف لماذا ضرب المثل.. ننتظر لعل وعسى أن تشكل الحكومة !!
——–
* الشوملي: هي مدينة عراقية تقع في محافظة بابل إلى الجنوب الشرقي من مدينة الحلة الشاعر عبود الكرخي انشدها ” عالشوملي، الشوملي، نارك ولا جنة هلي) للعلم لم تطأ اقدامه واقدامهم تلك الأرض ولم يعرفوا عنها شيئاً”