التدخين والكحول
من المشاكل الخطيرة التي يتعرض لها أبنائنا هي إقبال الكثير منهم على عادتي التدخين وشرب الكحول السيئتين واللتين إذا ما أدمنوا عليهما تسببان لهم افدح الأضرار.
ولا شك أن الأبناء ميالون دائماً للتقليد، وأن أقرب من يقلدوه بالدرجةالأساسية الأباء والأمهات، إضافة إلى تقليد الأصدقاء، فعندما يرى الأبناء آبائهم وأمهاتهم يدخنون، أو يتناولون الكحول، فأنهم لابد وان يشعروا بالرغبة في تجريب ذلك ولسان حالهم يقول أن آبائنا وأمهاتنا يدخنون ويتناولون الكحول فلماذا لا نمارس نحن ذلك؟
يقول الإمام علي عليه السلام في إحدى حكمه:
لا تنهى عن خلق وتأتي مثله
عـارٌ عليك إذا فعلت عظيم
كما يقول الشافعي في هذا الصدد :
يا أيـها الرجـل المعلم غيره
هـلا لنفسك كـان ذا التعـليمُ
تصـف الــدواء لذي الضنى
كيما يصح به وأنت سـقيمُ
فكيف نستطيع أن نقنع أبنائنا بمخاطر التدخين والكحول ونحن نمارس هذا العمل أمامهم ؟ وهل سيصدقوننا في دعوانا ؟ أن هذا أمر مستحيل، و بكل تأكيد سنكون لهم قدوة سيئة وسنتحمل مسؤولية كبرى في انحراف أبنائنا.
إن علينا أن نعطيهم المثال والقدوة الحسنة، وعلينا أن نوضح لهم وباستمرار مخاطر هاتين العادتين السيئتين على صحتهم وحياتهم، وخاصة بعد أن اثبت الأبحاث بما لا يقبل الشك أن اخطر مسببات السرطان بأنواعه هو التدخين، إضافة إلى مخاطر أمراض القلب والكليتين، وتسوس الأسنان ..الخ.
كما ينبغي أن نوضح لهم أن الإدمان على الكحول يجعل الإنسان يفقد سيطرته على تصرفاته، ويسبب له الكثير من المشاكل، ويفقده القدرة على التركيز، وبالتالي الفشل في وضياع مستقبله.
كما أن على الآباء والأمهات أن يلاحظوا أبنائهم ويتحسسوا روائحهم وروائح ملابسهم للتأكد ما إذا كان أبناءهم يدخنون أو يتناولون الكحول، ويجب أن يعرفوا كيف يصرف أبناءهم النقود ، وهل أن ما صرفوه مساوياً لما أعطوه لهم أم لا ؟ وأن يتأكدوا من مصادر النقود أن كانت تزيد عن ما أعطوه لهم ، إذ ربما يلجأ الأبناء إلى طرق غير مشروعة للحصول على النقود من أجل تأمين السجائر أو الكحول وعليهم أن يتعرفوا على أصدقائهم، وعلى سلوكهم، من أجل إبعادهم عن
رفاق السوء.
إن على المدرسة أن تقوم بدورها في تحذير التلاميذ من مخاطر هاتين العادتين عن طريق تقديم دروس عملية ونظرية مدعمة بوسائل الإيضاح البصرية والسمعية عن مضار هاتين العادتين السيئتين، والاستعانة بالأفلام التي يمكن الحصول عليها من وزارة الصحة، والتي تبين الأضرار الجسيمة التي تصيب المدمنين.
وتقع على عاتق الدولة مسؤولية حشد وسائل الأعلام المتوفر لديها للتحذير باستمرار من أخطار الإدمان، وعرض نماذج لما تعرض له الكثير من المدمنين، ومنع التدخين في المحلات العامة، ومنع الدعاية لها. كما ينبغي أن تلعب الصحافة دوراً فعّالا في هذا المجال.
خامساً : المخدرات
إنها وبكل تأكيد أخطر ما يواجه أجيالنا اليوم، أنها تفوق كل المخاطر الأخرى التي يمكن أن يتعرض لها أبناءنا، إنها تسرق منا أبنائنا، وتحيلهم حطاماً، وتدمر مستقبلهم ، وتدفعهم إلى الجريمة من أجل تأمين النقود اللازمة لشرائها إذا ما أدمنوا عليها .
إن العصابات المجرمة الساعية إلى الإثراء السريع على حساب حياة أبنائنا ومستقبلهم يلجئون إلى أبشع أسلوب في جرهم إلى تناول المخدرات ، وبالتالي الإدمان، فهم يحاولون في بادئ الأمر تزويدهم بالمخدرات بصورة مجانية لعدة مرات ريثما يدمنون عليها فلا يستطيعون الاستغناء عنها، وبذلك يصبح المدمن مضطراً إلى اللجوء إلى مختلف الوسائل والسبل للحصول على النقود لشراء المخدرات ويتحولون شيئاً فشيئاً إلى عناصر مدمنة على الأجرام . ورغم أن الدولة تكافح بكل الوسائل والسبل تهريب المخدرات إلى داخل البلد، وتتابع المشبوهين في المتاجرة فيها والمدمنين عليها، إلا أن هذا الأجراء وحده لا يكفي، لأن يداً واحدة لا تصفق.
أن مكافحة المخدرات تتطلب تعاوناً وثيقاً بين الدولة من جهة وأولياء أمور الأبناء والمدرسة من جهة أخرى، وعلى الأباء والأمهات والمعلمين وإدارات المدارس أن تراقب أوضاع التلاميذ وتصرفاتهم وعلاقاتهم داخل المدرسة وخارجها. ولاشك أن تصرفات الأبناء وسلوكهم وعلاقاتهم بغيرهم، وخاصة من غير المحيط المدرسي، يمكن أن تكشف لنا عما إذا كان الأبناء يتناولون المخدرات أم لا، وبالإمكان ملاحظة جملة من التغيرات التي تطرأ على المراهقين الذين يتعاطون المخدرات والتي من أبرزها: (15)
1ـ الفقدان المفاجئ للاهتمام بالأسرة وبعلاقاتهم الطويلة المدى بأصدقائهم.
2 ـ مصاحبة أصدقاء وأفراد غير معروفين سابقاً.
3 ـ تدني مستوى التحصيل الدراسي المفاجئ.
4 ـ تقلب المزاج، والاكتئاب.
5 ـ ضعف النشاط والحيوية.
6ـ سرعة الاستثارة الغضب، والصراع غير العادي مع أفراد الأسرة.
7 ـ بُطء الكلام واضطرابه.
8 ـ نقص الوزن أو زيادته بصورة ملحوظة.
9 ـ الرجوع إلى المنزل مخموراً أو متبلداً.
10 ـ إحضار المواد المخدرة إلى المنزل والتباهي بامتلاكها.
11 ـ ممارسة السرقة.
12 ـ طلب النقود بصورة غير عادية ودون مبرر واضح.
13 ـ التحذير من قبل المعلمين أو الجيران أو الأقران.
أسباب توجه المراهقين نحو المخدرات:
أن أهم الأسباب التي تشجع المراهقين على تناول المخدرات يمكن إجمالها بما يلي :
1ـ عامل البيئة والظروف الأسرية التي يعيش فيها الفرد، وخاصة الأبناء الذين تربطهم علاقات ضعيفة بالوالدين.
2ـ السلوك المتسم بالقسوة والرفض من قبل الوالدين، والذي يقابله التمرد والسلوك المضاد للمجتمع من قبل المراهقين.
3 ـ التصدع الأسري والانفصال والطلاق بين الوالدين.
4 ـ استخدام المواد المخدرة من قبل أحد الوالدين أو كليهما.
ومما تقدم يتبين لنا أن هناك خصائص عامة مشتركة تميز البيئة الأسرية التي ينتمي إليها مدمني المخدرات وذوي الاضطرابات السلوكية.
أن على الأهل قبل كل شيء أن يكونوا القدوة الحسنة، والمثال الجيد لأبنائهم أولاً، وأن يراقبوا ويدققوا في أوضاعهم، ويحرصوا على معرفة كيفية حصول الأبناء على النقود، وهل أن ما لديهم وما يصرفوه يزيد على ما يُعطى لهم، والبحث والتدقيق عن مصدر تلك النقود الزائدة. إن عليهم الحرص على كون أصدقاء أبنائهم ممن يتصفون بالأخلاق الفاضلة والسلوك الحميد.
ولاشك أن اللجوء إلى العنف إذا ما شعر الأهل بتناول أبنائهم المخدرات لا يمنعهم من نبذ هذه الآفة،وان السبيل الصحيح لمعالجة ذلك هو الاتصال بالمؤسسة الصحية التي تقوم بمعالجة المدمنين حيث أن لديها الوسائل الكفيلة بإنقاذ أبنائنا من هذا الوباء الوبيل،ومن تلك الوسائل استخدام العقاقير الطبية والتحليل النفسي،وتعديل السلوك في الأماكن المنعزلة [المصحات] هذا بالإضافة إلى جهود البيت والمدرسة في هذا السبيل .
كما أن علينا أن نتعاون في كشف العصابات التي تسعىإلى بث هذه السموم في المجتمع ، وإبلاغ السلطات عنهم لكي يتم تقديمهم إلى المحاكم المختصة لينالو عقابهم الذي يستحقونه وإنقاذ أجيالنا من شرورهم.