على أية مجموعة بشرية يطلق اسم الشعب؟،الشعب كما هو معروف للجميع هو عبارة عن مجموعة كبيرة من الناس تقيم على أرض محددة، وطن محدد بحدود سياسية، أو بحدود طبيعية حسب انتشار وتمدد ذلك الشعب عبر التاريخ، وغالباً ما تكون أرض هذا الوطن متصلة ببعضها، وأحياناً يكون اسم هذا الوطن مقترن باسمه، أي مقترن باسم ذلك الشعب الذي يعيش على أديمه ويملك تاريخاً في تلك الرقعة، مثل كوردستان أي: وطن الكورد، طاجيكستان موطن الطاجيك، وأرمينيا موطن الأرمن إلخ. لكن، حتى ينطبق على هذا القوم اسم الشعب يجب أن تكون عاداته وتقاليده ولغته واحدة، وإذا كان سيد نفسه، أي غير واقع تحت نير الاحتلال الأجنبي ويعاني من التجزئة والتقسيم من قبل دولة ما أو عدة دول يجب أن يكون لهذا الشعب نظام اجتماعي واقتصادي وسياسي واحد.
عزيزي المتابع، اليوم سنتكلم عن الشعوب أو المجاميع المنفصلة عن شعوبها وتتكلم بغير لغاتها الأم، مثال الشعب البرازيلي أو الدولة البرازيلية في لاتين أمريكا التي تتكلم اللغة البرتغالية، التي فرضت عليها من قبل الاستعمار البرتغالي إبان احتلالها لها؟. طبعاً هناك أكثر من مائتي لغة في برازيل، لكن اللغة الرسمية هي البرتغالية، لغة المستعمر الغربي؟. وفي القارة الإفريقية، هناك أنجولا، وموزمبيق اللتان لغتيهما الرسمية هي الأخرى البرتغالية. للعلم، أن دولة برازيل هي الدولة الوحيدة في لاتين أمريكا التي تتكلم البرتغالية؟. بينما بقية لا تين أمريكا تتكلم اللغة الإسبانية، التي هي الأخرى دولة الاحتلال لشعوب لاتين أمريكا. يقال أن شعوب لاتين أمريكا لم يعرفوا الحصان حتى جاء الاستعمار الإسباني وجدوا إن مقاتلي جيشه يمتطون الأحصنة، يقال أن تلك الشعوب خافت من الأحصنة أكثر من خوفهم من الجنود. لقد انتهت حقبة الاستعمار في لاتين أمريكا، ألا أن أثره باقي إلى اليوم وذلك من خلال اللغة التي فرضوها على شعوب تلك المنطقة التي تشهد على جبروتهم ونهبهم لثروات تلك البلدان.
مثال آخر، ألا وهو دولة آذربايجان التي لغتها الرسمية بعد الغزو التركي واستيطانهم فيها كما هو الكيان التركي التي باتت لغتها الرسمية التركية بينما الترك مثل الفرس في إيران لا يشكلوا 51% من مجموع الشعب. لكن، بما أن اسم آذربايجان هو الأصل فلذا تسمى بالآذربايجانية وليست التركية؟. لأن الاسم الأصيل صعب أن يمحى من الوجود، حتى أن العرب بعد غزوهم لبلاد بين النهرين حاولوا مراراً كراراً تغيير اسم بغداد إلى مدينة المنصور، وسمي بالروحاء، والزوراء، والمدورة إلخ لكن في النهاية، كل هذه الأسماء الغريبة عنها ذهبت إلى مزبلة التاريخ وبقي اسم بغداد الكوردي حياً يرزق إلى يومنا هذا، وسيستمر هكذا بغداد – بەغ دا أبد الدهر. للزيادة، كان شعب آذربايجان قبل الغزو التركي يتكلم الكوردية. وكان الكورد قوة ضاربة في تلك المنطقة لقد حموا ثغور المسلمين هناك لقرون عديدة أمام هجمات الدول المسيحية، حتى جاء الأتراك ونفذوا إلى المنطقة وبعده تغيير كل شيء نحو الأسوأ. لقد كان للكورد دولاً وإمارات عديدة في تلك المنطقة منها الدولة الروادية التي منها صلاح الدين الأيوبي. وكذلك الدولة الشدادية التي كانت تتاخم آذربايجان إلخ. لمن لا يعلم، إن آذربايجان هي الصيغة العربية بعد الإسلام لاسم آتروپاتگان – Atrupatgan وهو اسم كوردي يعني مكان موقد النار،لأن أكبر موقد للنار من المواقد المقدسة السبعة للدين الزرادشتي التوحيدي كان في شرقي كوردستان (إيران) في منطقة آذربايجان الغربية التي مركزها أرومية.
دعونا الآن نعرج على بلدان شمال إفريقيا وغرب مصر التي كانت أمازيغية قبل الإسلام، ألا أن العرب احتلوها باسم الإسلام واستوطنوها عنوة وغيروا ديموغرافيتها، تماماً كما فعل الأتراك في كل من الكيان المسمى تركيا وآذربايجان. والآن اللغة الرسمية لبلدان شمال إفريقيا هي العربية، وصارت الأمازيغية في وطنها الأم أقلية مهضومة الحقوق، وتتكلم أبنائها العربية، مثل الكورد وغيرهم رغماً عنهم. ولا ننسى، بلد ساحل العاج، وبلدان وسط وغرب إفريقيا، كلها لغاتها الرسمية هي اللغة الفرنسية، لغة المستعمر الفرنسي الذي هو الآخر نهب وسلب خيرات تلك الشعوب المغلوبة على أمرها.
الآن نعود إلى قلب منطقة الشرق الأوسط، التي احتل بلدانها العرب الأجلاف كما أسلفت باسم الإسلام، – للعلم، العرب محتلون وليسوا مستعمرون لأن المستعمر يبني والمحتل يهدم ويحرق؟- ألا أن هدفهم – العرب- كان قومياً واقتصادياً كي يخرجوا من شبه جزيرتهم الجرداء إلى عالم فيه الماء والكلأ الكافي وتدر عسلاً ولبنا، وصار لهم ما أرادوا، احتلوا سوريا الآرامية وعربوها على مر القرون، وهكذا فعلوا مع لبنان الرومية، ومن ثم احتلوا العراق وكوردستان الكوردية، إنهم أفلحوا بتعريب العراق، ألا إنهم نجحوا باحتلال كوردستان لكن بسبب عراقة الشعب الكوردي وقدمه على أرض وطنه كوردستان فشلوا أن يفرضوا عليهم لغتهم العربية الغريبة على لسان أمة الكورد.
وبعد العراق غزوا إيران وفرضوا عليها العقيدة الإسلامية، وشوهوا لغتهم الفارسية التي نراها اليوم حيث نصفها عربية والنصف الآخر كوردية وأوروبية، حتى يقال أن هؤلاء – الفرس- ليسوا فرساً بل عرب فلذا لغتهم مليئة بالمفردات العربية.
لنعد من جديد إلى البلد الذي يتاخم شمال إفريقيا ألا وهو مصر القبطية، جاءه عمر ابن العاص واحتلها في صدر الإسلام وفرض عليها مع الجزية اللغة العربية، واليوم صارت تسمى مصر العربية، لو جاء العرب بحق وحقيقة لنشر الإسلام وليس لنشر العرب لما ألحقوا بذيل اسم مصر صفة العربية، للعلم أن صفة العربية لمصر ألحقها جمال عبد الناصر بذيل اسم البلد الفرعوني القبطي!!!، وفي نفس الوقت ألحقوا صفة العربية بذيل اسم سوريا!!!. الآن تعتبر العرب أو الناطقون بالعربية مصر قلب الوطن؟؟؟ مع أن الوطن العربي موجود في شبه جزيرة العرب، إما خارجها لا يوجد لا وطن عربي ولا عالم عربي لأنه لا هو وطنهم ولا هو عالمهم، كما قلت أن وطنهم وعالمهم في جزيرة العرب. ومن استعرب بالسيف العربي من القبط في مصر وسودان، والأمازيغ في شمال إفريقيا، والكورد في العراق وكوردستان – العراق هو امتداد لأرض كوردستان- والفرس في إيران، والآراميين في سوريا إلخ يمكن أن يعود إلى أصله القومي الذي كان عليه قبل الغزو العربي لبلده.
كانت هذه نبذة مختصرة جداً عن فرض لغات المستعمر والمحتل الأجنبي على الشعوب الآمنة بالقوة الجسدية (فسيولوجية) كما حدث من قبل العرب في بلدان الشرق، أو الفكرية والاستقوائية كما قام به بلدان الغرب في لاتين أمريكا وإفريقيا التي فرضت عليها لغاتها وثقافاتها وفي بعض البلدان حتى عقيدتها الدينية، تماماً مثلما فعلت قبلهم العرب بشعوب الشرق. إن الفرق بين الاستعمار الغربي، والاحتلال العربي، أن الغرب كما قلت فرضوا لغتهم وشيئاً من ثقافتهم على شعوب مستعمراتهم، ألا أنهم لم يتأسبنوهم، لم يتفرنسوهم، لم يتأنجلزوهم – أي لم يصهروهم في البوتقة الإسبانية والفرنسية والإنجليزية كما فعلت العرب- فلذا شعوب المستعمرات الغربية في لاتين أمريكا وإفريقيا وفي شرق الأوسط يقولون نحن شعوب لاتين أمريكا ألا أننا نتكلم الإسبانية، وشعوب إفريقيا تقول إننا أفريقان نتكلم الفرنسية إلخ. ألا الاحتلال العربي، الذي كان احتلالاً استيطانياً عربت كل شيء على الأرض. الطامة الكبرى، أن المستعربين الكورد في العراق – بدون جنوب كوردستان-، والمستعربين الآراميين في سوريا، والمستعربين الأقباط في مصر، وهكذا الأمازيغ في شمال إفريقيا، الذين استعرب آبائهم وأجدادهم بحد السيف العربي تجد أن أحفادهم وأبنائهم يعرفون جيداً أن العربية فرضت عليهم فرضاَ مع العقدية الإسلامية، لكنهم صاروا أكثر عروبة من العرب الأقحاح الأجلاف أنفسهم!!! لا بأس به باعتناق العقيدة الإسلامية، لكن لماذا يقبلون العرب والعربية!!! ألا يعرفون بعد آلاف السنين سيظل يتهكمون ويتندرون بهم ويقال عنهم أن هؤلاء المستعربين عنوة رغم عن أنف آبائهم وأجدادهم؟؟؟ سمعتهم يقولون لقد ضربنا على خراطيم آبائهم وفرضنا عليهم العروبة على مر السنون. حقاً أن العقيدة الإسلامية خدم ثلاثة شعوب فقط لا غير، أولهم العرب، بفضلها وتحت اسمها خرجت جحافلهم من شبه جزيرتهم الجرداء “غير ذي زرع”، وبفضلها توجد اليوم 20 كيان سياسي تحمل اسم العرب ولغتها الرسمية العربية؟ أضف، أن هؤلاء العرب الأجلاف حولوا شرائح كثيرة من شعوب أخرى إلى العرب؟. ومثل العرب الفرس، هم أيضاً ضمن العقيدة الإسلامية اعتنقوا المذهب الشيعي الذي خدمهم خدمة كبيرة حيث أن نسبتهم في إيران أقل من 50 % ألا أنهم متسيدين فيها على الشعوب التي أعرق منهم ونفوسها أكثر منهم، ليس هذا فقط، بل باسم ذات العقيدة التي فرضت عليهم بحد السيف العربي قبل قرون صاروا يهددون اليوم كل الكيانات العربية، وتحديداً الدويلات الخليجية بالاحتلال. ومثل الفرس هم الأتراك، الذين كالعادة اعتنقوا الإسلام عنوة، لكن فيما بعد اختاروا المذهب الحنفي، لأنه دون المذاهب الإسلامية الأخرى يجيز أن يكون الإمام، الخليفة من غير العرب؟، فلذا اختاره الأتراك؟ مذهباً لهم، رغم إنه مذهب يخالف الحديث النبوي الذي يقول: الأئمة من قريش.
كانت هذه نبذة مختصرة جداً عن الشعوب التي استخدمت عقيدتي المسيحية والإسلام من أجل مآربها القومية.
10 04 2022