هل يمكن ضمان الامن والاستقرار في المنطقة مع بقاء النظام الحالي حاكما في إيران؟ هل يمكن لإيران أن تضع حدا لمشروع الخميني الفكري ـ السياسي وتنهي تدخلاتها في المنطقة؟ هل يمكن أن تلتزم إيران بأية تعهدات دولية تتناقض مع مشروع الخميني؟ والسٶال الذي من المفيد جدا طرحه بهذا السياق هو: هل إن نجاح محادثات فيينا والتوصل لإتفاق نووي مع طهران، بإمکانه أن يجعل النظام الايراني ملتزما بتعهداته حيال أمن واستقرار المنطقة؟ الاجوبة على هذه الاسئلة التي تدور كلها في سياق واحد، يمكن أن يعطينا صورة واضحة جدا عن إمكانية إعادة تأهيل إيران “كنظام حاكم” وتأقلمها مع المنطقة والعالم. ولكن لا يبدو إن الاجوبة إيجابية ولاسيما إذا ما نظرنا الى الواقع الموضوعي في إيران والاحداث والتطورات الجارية هناك.
الفلسفة التي بني على أساسها النظام الحاكم في إيران، هي فلسفة توسعية شئنا أم أبينا، ذلك إنه وبموجب نظرية “ولاية الفقيه”، يعتبر “الولي الفقيه”، ولي أمر المسلمين وإن من يقلدونه في بلدان المنطقة والعالم عليهم أن ينفذوا فتاويه التي يصدرها، حتى وإن كان ضد بلدانهم وشعوبهم، وإن نظرة واحدة على الاحزاب والميليشيات والجماعات التابعة لإيران وفق الشرح هذا، تثبت لنا ذلك، خصوصا عندما يعتبرون طاعة خامنئي وتنفيذ أوامره فوق طاعة حكومات بلدانهم. وهذه الحالة باقية لا يمكن أن تتغير أبدا بتغيير الرٶساء والحکومات، بل وحتى إن هذه المسألة بالذات أثبتت کذب وزيف ماکان يسمى بتيار الاصلاح والاعتدال في إيران.
المشكلة الاساسية بل جوهر القضية في إيران، تكمن في نظرية ولاية الفقيه، إذ أن بقائها وإستمرارها يعني بقاء وإستمرار النهج الذي تسير عليه إيران منذ أربعة عقود ولحد يومنا هذا، وكما هو واضح فإنه لايوجد أي تيار أو إتجاه سياسي ضمن نطاق نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية يسعى بصورة وأخرى من أجل تغيير النظام بصورة يتناسب ويتفق مع التوجهات الدولية والاقليمية كما يمكن أن يعتقد البعض، وانما الذي يعمل کل ضمن نطاق هذا النظام من جانبه من أجل المحافظة على النظام والعمل مابوسعه في سبيل ضمان بقاء وإستمرار وديمومة النظام، وفي ضوء ماقد أسردنا ذکره، فإنه ليس هناك من ضمان لإيران مسالمة في المنطقة، لأن الامر مرتبط بنهجها السياسي ـ الفکري الذي لايقبل أي تغيير حتى ولو کان نسبيا أو حتى سطحيا وإن الضمان الوحيد في سبيل التغيير الجذري الذي ينهي المظاهر والجوانب السلبية فيه يکمن في إسقاطه من قبل شعبه والقوة السياسية الاکبر والاهم في معارضتها للنظام والتي تتمثل في المقاومة الايرانية التي تدعو جهارا من أجل إيران مٶمنة بحقوق الانسان وخالية من الاسلحة السلمية ولاتتدخل في شٶون الدول الاخرى.