وأنا على مشارف السبعين من العمر، أربعون منهم من مهجر إلى مهجر.
أتمعن في محيطي، أنبش الماضي؛ وأدرس الحاضر؛ وأخمن قادمي الباقي.
عشت فصول العمر بأبعادها.
تأكدت، أنني لست بسياسي، ولا حزبي.
لست بكاتب ولا روائي ولا بشاعر.
لست بناقد، ولا بباحث.
لست برأسمالي، ولا رجل أعمال.
مؤلم عندما يتأكد الفرد أن مقولة سقراط تنطبق عليه “كل ما أعرفه هو أنني لا أعرف شيئاً “والأكثر ألما عندما يدرك الفرد إنه السبب، وكان بالإمكان ملئ بعض الفراغ الفكري.
هربت من فشلي مهاجرا، فخسرت الماضي والوطن، ولم أربح الحاضر في الغربة، ووجدت أنه كان مرافقي طوال الدهر، وفجوة اللا معرفة توسعت مع الزمن.
عدمت في الغربة مرات ومرات، رغم الصحة والعافية وبعض الرفاهية.
خلفت الكثير من الأخطاء، والقليل من النجاح.
لم أفلح في إيصال جزء ولو بسيط من القضية إلى حيث المبتغى.
فهل هناك من سيقتل الهجرة؟
ويعيد بناء الآثار (في نصران)
هل العودة إلى الوطن سينقذنا؟ تجارب التاريخ أثبتت شبه عدمية العودة.
هل بالانتقال إلى العتمة، وتضييق العلاقات، تكمن النجاة؟ أم أنه هروب من المواجهة؟
هل سيأتي بعدنا من يحمل الرسالة بالسوية التي تستحقها، ويدافع عن القضية بالحكمة المطلوبة؟
نحن من سلسلة أجيال كوردستان التي فشلت، في المهجر مثلما في الوطن.
ولا أرى أملأ في أجيال الغربة من بعدنا؟ فماذا عن أجيال الصامدين في الوطن؟
نحن أبناء الأمة الكوردية التي تحتضن الكثير من الخامات النقية، من بينها ثروة ثقافية لا تقدر، فمتى وكيف سيتم استثمارها؟
ليست عن سوداوية، ولا عن كآبة، بل حقيقة فرضت ذاتها.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
13/4/2022م