رحل عن 92 عاماً بثروة قدرت ب 23 مليار دولار، بعد أن بدأ هذه الإمبراطورية الضخمة من بيع أعواد الثقاب.
في ظروف لا تحمل اي مميزات من أي نوع، ولد الطفل ” إينغفار ” في قرية سويدية صغيرة في العشرينيات من القرن العشرين. لم يكن هناك أي شيء مميز بالنسبة للطفل أو عائلته، طفل عادي لأسرة عادية ، في ظروف لم تكن مستقرة في أوروبا آنذاك.
وكأي طفل وجد أهله لديهم أزمة مالية مستمرة، بدأ حياته في بيع أعواد الثقاب لأهل المدينة التي ولد فيها. يتحصل من هذه الطريقة على بعض الاموال، عبر ركوبة لدراجته الصغيرة وبيع أعواد الثقاب للمدخنين وأصحاب الحرف.
وكمن وقت لآخر، يذهب مع أبيه الى ستوكهولم العاصمة، يشتري بعض الأعواد الجيدة، ويعود لبيعها في مدينته النائية بأسعار مرتفعة، ليتحصل من وراءها على هامش ربح كبير.
منذ طفولته، تعلم التجارة. وانتقل من بيع اعواد الثقاب ، الى تجارة اشجار الزينة ، والاقلام وحتى بيع الأسماك. كانت هذه هي المدرسة الأولى للتجارة بالنسبة له.
لعبة التجارة الحقيقية
عندما بدأ الطفل يتقدم في العمر ووصل الى أعتاب الشباب، في العام 1943 ، كان عمره حوالي 16 او 17 عاماً،كان الفتى الصغير قد جمع بعض الأموال من تجاراته المختلفة، وحصل على بعض المال الاضافي من والده، بعد أن وثق فيه وفي إمكانية ان يكون تاجراً مميزاً. وهو ما حدث بالفعل، حيث قام بإفتتاح مؤسسة تجارية صغيرة، يمارس فيها نفس ما كان يفعله بالضبط.
كانت المؤسسة تبيع الاقلام والصور واعواد الثقاب والولاعات، وغيرها من الأمور البسيطة للغاية، والتي كان يعتمد على بيعها بناءً على عربة صغيرة مخصصة اصلاً لتوزيع الحليب. بمرور الوقت بدأت تجارته في الإزدهار، فقرر أن يذهب الى فرنسا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ليجمع بعض الأفكار الجديدة التي يمكنه تطبيقها في مؤسسته.
إيكيا
في مطلع الخمسينيات، وبعد عودته من فرنسا، قرر الشاب الطموح أن يتخلى عن تجارة الاشياء البسيطة كالأقلام وطارات الصور ، والعمل على شيء أكبر وأثمن. قرر ان يقتحم عالم الأثاث والمفروشات وتصنيعها وتوزيعها.
اعتمد إينغفار على وفرة الغابات في السويد، فاستأجر عدد من النجارين والصناع، وبدأ في جلب الخشب من الغابات وتصنيعها بأيدٍ محلية في ورشته الصغيرة، وبدأ في بيعها.
والمدهش انه وجد اقبالاً كبيراً من السوق في بلدته، حيث أقبل الكثيرون لشراء المفروشات والأثاث من متجره، فقرر أن يلغي تماماً بقية انواع التجارة التي كان يمارسها ، ويتفرغ فقط لتجارة الاثاث والمفروشات في مؤسسته.
مؤسسته تلك التي أسمها ” إيكيا ” IKEA ، وهي الحروف الأولى لإسمه واسم أبيه واسم عائلته واسم البلدة التي ولد فيها. ذلك الإسم الذي يعتبر من كبار العلامات التجارية المعروفة حول العالم حاليا، والتي كانت مؤسسة أخشاب وليدة آنذاك !
العجلة تدور
بعد عام من بدء نشاط شركته في مجال المفروشات، اصدر التاجر الذكي دليلاً ثابتاً لأسعار المنتجات، وافتتح معرضاً لشركته في العاصمة. وفي منتصف الخمسينيات، بدأت شركة إيكيا في تصنيع كافة مفروشاتها وأثاثها بشكل كامل، بدون الاعتماد على مصادر خارجية، وبدء سلسلة فروع داخل السويد.
بنهاية الخمسينات كان عدد موظفي إيكيا قد وصل الى 100 موظف ثابت، وبدأت توسعها في الخارج في دول شمال اوروبا. بمرور العقود، وبنهاية الثمانينيات، كان للشركة أكثر من 300 متجراً في حوالي 40 دولة.
بقدوم العام 2000 ، اعتبر إنغفار كامبراد واحد من أثرى أثرياء العالم، وحجز مكانة دائم في قائمة فوربس لأثرى اثرياء العالم. ومع تقدمه في السن، بدءً من العام 2013 ، تخلى انغفار كامبراد عن منصبه كرئيس مجلس ادارة لشركة إيكيا لصالح أبناء، بسبب تقدمه في السن.
الثروة والرحيل
رحل انغفار في بداية العام 2018 عن 92 عاماً، تاركاً وراءه ثروة قدرتها بعض المواقع المتخصصة بحوالي 23 مليار دولار. وكان قد صنف في نهاية 2008 بأنه أغنى رجل في أوروبا ، ورابع أغنى رجل في العالم.
بدأ انغفار حياته كبائع لأعواد الثقاب، ولا يشكك اثنين في انه واحد من اهم رجال الاعمال العصاميين الذي بدأ من الصفر في ظروف اعتيادية، وتحول – ربما ببسب براعته في التجارة منذ صغره – الى واحد من اكبر رجال الاعمال الاوروبيين واكثرهم ثروة.
جدير بالذكر أنه – مع ثروته هذه – كان معروف عنه التواضع الشديد، حيث كان يطلب من موظفيه الاقتصاد في اهدار الورق، ويرتدي ملابس عادية للغاية، وكان يقود سيارة قديمة اشتراها في سنة 1992 وظلت سيارته الاساسية حتى فارق الحياة.
مشوار ال23 مليار، بدأ ببيع أعواد الثقاب.
https://youtube.com/watch?v=sCwHASduBBk%22+width%3D%221214%22+height%3D%22683%22+frameborder%3D%220%22+allowfullscreen%3D%22allowfullscreen%22%3E%3C