لئن کان هناك في بداية شروع نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بتدخلاته في المنطقة، الکثير من المنبهرين والمأخوذين بهذا النظام وبنواياه”الحميدة و”الحسنة” من وراء تدخلاته على خلفية الاعتبار الديني للنظام، ولکن وبعد مرور بضعة أعوام على تلك التدخلات والاحداث والتطورات المختلفة التي جرت في ضوئها في بلدان المنطقة، فإنه قد طفق أکثرية هٶلاء المنبهرين والمأخوذين يشککون في نوايا النظام الايراني وتطور هذا الشك الى رفض علني بعد أن تبين بأن للنظام الايراني نوايا ومآرب بالغة المشبوهية ليست تتقاطع مع مصالح شعوب ودول المنطقة فقط وإنما حتى تشکل مشکلة کبيرة لها.
اليوم وبعد الذي جرى خلال الاعوام الاخيرة في بلدان المنطقة، فإنه لم يعد هناك عدم تقبل وإقتناع بالتدخلات الايرانية في دول المنطقة فقط بل وحتى رفضها رفضا مطلقا، ولاسيما بعد أن تداعت عنها الکثير من الآثار والنتائج السلبية المتباينة، بل وإن هناك ليس تشکيك کامل بالاساس الديني الذي يسوغ هذه التدخلات بل وحتى التشکيك في الاساس الديني للنظام نفسه خصوصا بعد أن صار واضحا بأنه يقوم بتوظيف العامل الديني من أجل تحقيق أهداف سياسية خاصة.
الحديث عن العامل والاصل الديني وإستخدامه وتوظيفه من قبل نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية لتحقيق أهداف وغايات خاصة، صار کثر وضوحا عندما تم إستخدامه ضد الشعب الايراني وقواه الوطنية ووصل الى حد تم فيه إعتبار کل مواطن إيراني يعارض هذا النظام أو يسعى للتفکير والتصرف خارج دائرة قوانينه وأنظمته، بأنه محارب ضد الله و يجب قتله!
القسوة المفرطة التي إستخدمها ويستخدمها هذا النظام ضد الشعب الايراني من خلال توظيف الدين، کانت في الاساس من أجل تهيأة الارضية لتنفيذ مخططاته المختلفة وفي مقدمتها تصدير التطرف الديني والارهاب والتدخلات في الشٶون الداخلية لدول المنطقة، وهذه الحقيقة توضحت خلال الاعوام الى أبعد حد خصوصا بعد حدوث إنتفاضة أواخر عامي 2017، و2019، واللتان ردد فيهما الشعب الايراني شعارات رافضة للتدخلات في المنطقة، وقد قامت السلطات الايرانية بقمعهما بمنتهى القسوة، ولاريب من إن هناك علاقة جدلية بين قمع الشعب الايراني وبين التدخلات في المنطقة ولايمکن للنظام التخلي عن أي واحد منهما لأن ذلك سيٶدي في النتيجة الى تقويض حکمه وبدء العد التنازلي لنهايته الحتمية.
التدخلات الايرانية في بلدان المنطقة والتي يسعى ليس النظام وانما عملائه أيضا لتبريرها ومنحها بعدا دينيا، تتزامن معها مساعي للنظام وعملائه بتکفير أي نوع من أنواع الدعم للنضال الذي يخوضه الشعب الايراني من أجل الحرية، خصوصا وإن معارضة الشعب الايراني ورفضه لهذا النظام وبذل جهوده من أجل تغييره، قد صار معلوما للقاصي قبل الداني، وإن أي دعم او مساندة للشعب من شأنه أن يٶثر وبشکل واضح على نشاطات وتحرکات النظام بل وحتى على ثباته، ولذلك فإنه من الضروري و الواجب التفکير بتفعيل قضية دعم ومساندة نضال الشعب الايراني لأنه السبيل والطريق الوحيد الذي يمکن أن يتم من خلاله العمل من أجل ضمان مستقبل أفضل للسلام والامن والاستقرار في المنطقة.