نعم، غداً عيدنا نحن الإيزيدية الذين يعرفهم التاريخ والجغرافيا، فلا التاريخ أنصفهم، ولا الجغرافيا حمتْهم من الأيادي الآثمة التي طالتهم في مالهم ودمهم وعرْضهم. في حياة صغارهم وكبارهم، في حياة رجالهم ونسائهم، في أحلام شبابهم وشاباتهم . فهل هناك من جريمة كبرى أكبر من هذه الجريمة ؟
غداً عيدنا نحن الإيزيدية. ولا نعرف، هل نضحك في استقبال هذا العيد النيساني، وقلوبنا مليئة بالجراحات، وجراحاتنا تنزف، والألم كبير وثقيل، أم نبكي لأننا لا ننسى من رحلوا خوفاً من تهديدات أولئك الطامعين فيهم، وهم أحياء في قلوبنا ؟
غداً عيدنا، وأعيننا على موتانا الذين رحلوا قهراً، وحباً بإيزيديتهم، حباً بمعتقدهم، وكل إيزيدي يموت فهو شهيد، بسبب غزوات أعدائهم في القرب والبعد، والخوف موجود دائماً على مر تاريخنا الطويل. يموت الإيزيدي دفاعاً عن شرفه وأرضه وماله الحلال وعقيدته التي لا يريد بها شراً للآخرين، أينما كانوا.
غداً عيدنا،نحن الإيزيدية، ونحن نحتفل بأعياد آذار النوروز الكوردي، عيد كل الشعوب التي ترحّب بالربيع، وتلتقي بالربيع، والربيع بداية حياة جديدة، والتوقيت الجميل لكي يخرج المحتفلون إلى الطبيعة ببيضهم” رمز الولادة والحياة “، رمز الخصوبة والانبعاث، ويبتهجون بكل ما في الطبيعة من ورد متفتح وعشب أخضر وماء صاف، رغم أن عيدنا الآذاري والنيساني غير أعياد الآخرين، ونحن نرى في الورد الأحمر لون دماء من ماتوا من أهلنا الإيزيدية ضحايا غزوات الآخرين، ضحايا الفرمانات التي تتجدد بين فترة وأخرى، وفي كل ماء شفاف دموع أمهاتنا وأطفالنا الأبرياء، وبناتنا وهن في مقتبل الحياة ..!
غداً عيدنا، وعيوننا لا تكف عن البكاء وهي تتلفت في كل اتجاه تنتظر عودة أسرانا، وأسيراتنا، وهم أحبتنا والعزيزات على قلوبنا نحن الإيزيدية، ممن خطفتهم أيدي الدواعش الإرهابيين، أعداء الإنسانية جميعاً، وفي قلوبنا حسرة من غيابهم الذي طال، وجرحنا الذي لم يؤلمنا جميعاً .
غداً عيدنا نحن الإيزيدية. وليس من عيد لنا إلا ونحزن فيه ويعزّي بعضنا بعضاً بالكوردية الواضحة والمفهومة، ولكن عيدنا النيساني يؤلمنا أكثر، لأنه يذكرنا بعام جديد، ومازلنا في عزاء، مازلنا نحزن على من رحلوا وهم قرابين حبهم للإيزيدية، وهم متشبثون بالحياة، كما هو إيزيدي في الوطن وفي المغترب .
غداً عيدنا، وفي روحنا عطش وتوق إلى الحياة، كغيرنا، وجوع إلى الحياة، كغيرنا، وإرادة قوية إلى بناء الحياة، كغيرنا، رغم أن أعداءنا، أعداء الكورد، أعداء الإيزيدية فيهم، لا يكفّوا عن إلحاق الأذى بنا .
غداً عيدنا نحن الإيزيدية، عيدنا النيساني:
سنفرح من أجل أطفالنا ليزدادوا تعلقاً بالحياة، وحباً بإيزيدية آبائهم وأجدادهم.
سنفرح لأن آباءنا وأجدادنا هكذا كانوا، لئلا يعتبرنا أعداؤنا أننا استسلمنا للحزن وحسبنا لهم حساباً. إننا نعرفهم جيداً، ولكننا نعطي الحياة لنستمر فيها.
سنفرح، وعلينا أن نفرح مع أطفالنا، مع طبيعتنا الكوردستانية، أن نصافح بعضنا بعضاً، وأن نحتفل مع بعضنا بعضاً، ليفرح بنا ربيعنا، وحتى من رحلوا ضحايا غزوات الآخرين، لأنهم يعرفون أننا بفرحنا هنا، نرهب الأعداء ونبني الحياة .
نعم، يا أهلنا الإيزيدية، غداً عيدنا، وعلينا أن نزداد وعياً ونقوى إرادة، وتمتن إرادتنا معاً جميعاً، فليس كالتضامن والوحدة في المصير المشترك، من قوة تبعد الأعداء عنا، وتزيد إرادتنا الإيزيدية عزيمة، وحباً في الحياة.
غداً عيدنا نحن الإيزيدية. سنعطي لعيدنا حقه، ليعطينا حقنا في الاحتفال به.
وكل عيد وإيزيديونا بخير، أينما كانوا، ومستقبلهم الآتي أجمل وأحلى، وأكثر أماناً.
شكراً على هذا الخطاب الديني الجميل المفعم بالأمل, والحياة , عيدك مبارك وعيد جميع الئيزديين