“سلفيون يحاولون التغلغل في السلطات والبلديات”
الكومبس – ستوكهولم: خلص تقرير جديد إلى أن السلفيين المرتبطين بالعنف في السويد غيروا أساليبهم وأصبحوا يستخدمون الوسائل الديمقراطية لتحقيق أهدافهم، مثل محاولة الوصول إلى السلطات والبلديات بهدف ممارسة النفوذ من الداخل. في حين أشار التقرير إلى أن دولاً خليجية تمّول أنشطة السلفية.
وأعدت كلية الدفاع تقريراً جديداً عن السلفية والسلفية الجهادية في السويد، نيابة عن هيئة الطوارئ وحماية المجتمع (MSB). وشارك في التقرير عدد من الباحثين في الهيئات الحكومية والجامعات.
وقال المحلل في كلية الدفاع وأحد المشاركين في التقرير بيدر هيلينغرين “كثير من الأشخاص الذين كانوا يقودون في السابق البيئات العنيفة موجودون الآن في الجمعيات والمنظمات المحلية التي تدير القضايا وتؤثر على البلديات بطريقة أو أخرى”.
في حين قال رئيس تحرير التقرير والخبير في قضايا الإرهاب ماغنوس رانستورب “التطور المثير للقلق هو أن السلفيين والسلفيين الجهاديين بدؤوا البحث عن طريق إلى السلطات والبلديات كوسيلة لممارسة النفوذ من الداخل”.
تأثر محلي كبير
ودرس التقرير المجتمعات المحلية في بوروس ويوتيبوري ويافله من خلال مقابلات مع الشرطة والخدمات الاجتماعية وغيرها من الجهات الفاعلة. ووفقاً للتقرير، فإن هناك تأثيراً كبيراً على الفتيات والنساء على وجه الخصوص في البيئة السلفية، وهذا يشمل الملابس أو الأنشطة التي يمكنهن ممارستها.
وقال هيلينغرين “نرى مشكلة واسعة النطاق إلى حد ما مرتبطة بالرقابة الاجتماعية ونظام واسع الانتشار ضد الفتيات والنساء اللواتي ينتهكن هذه المعايير السلفية”.
ووفقاً لمؤلفي التقرير، يجب تشديد الرقابة على مدفوعات المنح للجمعيات لضمان عدم دفع الأموال بشكل غير صحيح أو أن تذهب الأموال إلى جمعيات غير ديمقراطية. وطالب رانستورب بإجراء تحقيق وطني حول مدى تأثير العناصر الدينية عندما يتعلق الأمر باضطهاد الشرف.
وقال رانستورب “يجب عدم تقييد الحقوق والحريات الديمقراطية لأي شخص، وفي السلفية هناك قيود وتأثيرات على النساء والأطفال تتعارض مع هذه القاعدة القيمية”.
تمويل من دول خليجية
ورأى التقرير أن التفسير المحافظ الصارم للإسلام الذي يميز البيئة السلفية في السويد ينبع بشكل أساسي من المدارس الدينية للتفسير والخطباء الأيديولوجيين من دول مثل السعودية وقطر والكويت. وجاء في التقرير “هناك أدلة على أن الجهات الحكومية والممولين من القطاع الخاص في هذه البلدان، اتبعوا استراتيجية واضحة طويلة الأجل لتمويل المشاريع والأنشطة بهدف تصدير تفسير محافظ للغاية للدين على مستوى عالمي”، مضيفاً “يشمل تمويل الأنشطة ذات التوجه الديني في البلدان الأخرى كلاً من الوكالات الحكومية والجهات الفاعلة غير الحكومية. وأحد الأمثلة على ذلك هو السعودية، حيث يتم تنسيق التمويل الأجنبي بين الوكالات الحكومية ومسؤولي السفارات السعودية في مختلف البلدان والمنظمات مثل رابطة العالم الإسلامي والمنظمات غير الحكومية الأخرى الموجودة في السعودية أو خارجها”.
واعتبر التقرير أن “تمويل الأنشطة داخل السويد من مصادر أجنبية ليس نشاطاً مخالفاً للقانون، في حد ذاته، ويجب ألا يكون مرتبطًا بآثار سلبية على المجتمع لأن بعض هذه المنظمات قد تمارس أنشطة لا تتميز بالضرورة بالعناصر السلفية أو تكون مناهضة للديمقراطية”.
ومع ذلك، رأى التقرير أن “ظاهرة الدعم المالي من مصادر خارجية تستحق تسليط الضوء عليها لعدة أسباب. في بعض الحالات، تأتي المساهمات المالية من الممولين الذين لديهم ملف إشكالي سابقاً. ويتضح هذا بشكل خاص فيما يتعلق بالجهات الفاعلة التي تعرضت لعقوبات من قبل الدول والمنظمات الدولية لتقديمها الدعم المالي لمنظمات إرهابية. يمكن أن يعني الدعم المالي أيضاً أن الجهات الأجنبية التي لديها طموحات ومصالح لنشر تفسير محافظ بشكل صارم للإسلام تحصل على درجة معينة من التأثير فيما يتعلق بالظروف الأساسية للمنظمة السويدية وأنشطتها (..) قامت العديد من المنظمات التي تمت دراستها في إطار هذا المشروع بنوع من النشاط تميز بالتفسير السلفي للإسلام، وساهمت في ترويج الأمور المناهضة للديمقراطية والإقصائية على المستوى المحلي. يمكن أن يخلق هذا على المدى الطويل بيئة تسهم في التطرف، خاصة إذا كانت المجموعة المستهدفة تتكون من الأطفال والشباب في المجتمع المحلي”.
مراقبة التمويل الأجنبي
وكانت بعض الدول فرضت قيوداً على التمويل الأجنبي للمنظمات الإسلامية. وفي العام 2015، فرضت النمسا حظراً على التمويل الأجنبي للمنظمات الإسلامية. وفي مارس 2021، فرضت الدنمارك قيوداً إضافية على التبرعات الأجنبية التي تزيد عن 10 آلاف كرون دنماركي في غضون عام.
وكذلك اعتمدت فرنسا قانوناً جديداً في يوليو 2021، يهدف إلى مواجهة ما يسمى “الانفصالية الإسلامية”. ويشترط التشريع الفرنسي الجديد أن تبلغ المنظمات الدينية التي تتلقى دعماً مالياً من الخارج الدولة بذلك.
وأدخلت ألمانيا طرقاً أخرى لزيادة الشفافية في التمويل الأجنبي من خلال الدول الخليحية المانحة، حيث يجب إبلاغ السلطات الألمانية عندما يطلب الناشطون الإسلاميون في ألمانيا الدعم أو يتلقون تبرعات من الممولين في المنطقة.
وكانت الأوساط السلفية والسلفية الجهادية حظيت باهتمام متزايد في السويد، خصوصاً بعد انهيار ما يسمى “خلافة داعش”، والمشاكل المحيطة بالمشاركين العائدين إلى السويد من داعش. إضافة إلى هجوم الدهس الإرهابي وسط ستوكهولم في أبريل 2017، حيث كان عاملاً مساهماً ويمكن اعتباره نقطة تحول، حين أصبح التهديد من التطرف العنيف والإرهاب واضحاً لأول مرة بالنسبة لجزء كبير من الجمهور السويدي.
واثار تصريح لوزير العدل والداخلية مورغان يوهانسون ديسمبر الماضي ردود فعل داخل السويد وخارجها حين قال إن “دولاً، مثل السعودية وقطر، تمول بناء مساجد في أوروبا لكن التمويل يذهب أيضاً لجماعات راديكالية إسلامية تدير هذه المساجد وتنشر أفكاراً راديكالية”، مضيفاً “هذا غير مقبول، ويجب أن يتوقف”.