بالتزامن مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى بوتشا وضواحٍ أخرى من كييف، التي شهدت انتهاكات ينسبها الأوكرانيون إلى القوات الروسية، تعرضت كييف لقصف هو الأول منذ منتصف نيسان/أبريل، فيما كشف مسؤول أممي أن غوتيريش وفريقه “مصدومون” من قرب الضربة الصاروخية على كييف من مكان وجودهم.
رئيس بلدية العاصمة فيتالي كليتشكو قال، وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية، إن “العدو قصف كييف مساء؛ ضربتين على حيّ شيفشينكوفسكي، على الطبقات السفلى من مبنى سكني”، وبحسب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، سقطت “خمسة صواريخ” على مدينة كييف. وقال زيلينسكي في مقطع فيديو: “هذا الأمر يقول الكثير عن الموقف الفعلي لروسيا حيال المؤسسات الدولية، عن جهود القيادة الروسية لإذلال الأمم المتحدة وكلّ ما تمثله المنظمة”.
من جهته، قال المتحدث الأممي، سافيانو أبرو، لوكالة فرانس برس إنّ غوتيريش وأفراد فريقه “صُدموا” بمدى قُرب القصف من مكان وجودهم، مؤكداً أنهم جميعا “بخير”، وأضاف: “إنّها منطقة حرب، لكنّ وقوع (القصف) قربنا هو أمر صادم”، من دون أن يحدّد مدى قربهم من المبنى الذي استهدفه القصف.
كما ندّد وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، في تغريدة على تويتر، بـ”عمل همجي مشين”، لافتاً إلى أن العاصمة استُهدفت بصواريخ بعيدة المدى، كما رأى رئيس الإدارة الرئاسية، أندريه يرماك، حرمان روسيا من حقّها في استخدام الفيتو بمجلس الأمن الدولي.
وقبل ساعات قليلة، أكد الرئيس الأمريكي أنّ بلاده لا يمكنها الوقوف مكتوفة الأيدي حيال النزاع في أوكرانيا، وذلك لتبرير طلبه من الكونغرس رصد 33 مليار دولار إضافية لتقديم مزيد من المساعدات العسكرية إلى كييف؛ لكنّه شدّد على أنّ الولايات المتحدة “لا تهاجم” روسيا، بل “تساعد أوكرانيا في الدفاع عن نفسها” في ظل “الفظائع والعدوان” الروسي.
والخميس التقى غوتيريش الرئيس الأوكراني، مبدياً أسفه لإخفاق مجلس الأمن الدولي في منع وقوع الحرب التي شنّتها روسيا على أوكرانيا في 24 شباط/فبراير.
“أزمة داخل أزمة”
وفي وقت سابق، أكدت المدّعية العامّة لأوكرانيا، إيرينا فينيديكتوفا، في مقابلة مع شبكة “دويتشه فيله” الألمانية، أن المحققين الأوكرانيين حدّدوا “أكثر من ثمانية آلاف حالة” من جرائم الحرب المحتملة منذ بدء الغزو الروسي قبل شهرين، وأضاف مكتبها أن “عشرة من جنود تابعين للواء 64 في الجيش الروسي قيد التحقيق” بشأن ارتكاب جرائم حرب مزعومة في بوتشا.
في 2 نيسان/أبريل، اكتشف صحفيون في وكالة فرانس برس شارعاً مليئاً بجثث رجال يرتدون ملابس مدنية في بوتشا، وأكدت الأمم المتحدة أنها وثقت “مقتل 50 مدنياً، من بينهم أشخاص قُتلوا بإعدامات بإجراءات موجزة”، بعد قيامها بمهمة في هذه المدينة يوم 9 نيسان/أبريل. ونفت روسيا مسؤوليتها عنها، مطلع نيسان/أبريل، وتحدثت عن مشاهد “مفبركة”.
وفي ما يتعلق بماريوبول، أعلنت منسقة الأمم المتحدة في أوكرانيا، الخميس، أنها ستتجه إلى جنوب البلاد للإعداد لمحاولة إخلاء المدينة التي تسيطر عليها القوات الروسية بشكل شبه كامل.
وأكد غوتيريش أنّ المنظمة الدولية تبذل “ما في وسعها” لإجلاء المدنيين المحاصرين في مدينة ماريوبول التي دمرتها المعارك مع القوات الروسية. وقال إنّ “ماريوبول هي أزمة داخل الأزمة. آلاف المدنيين (فيها) يحتاجون إلى مساعدة حيوية، كثير منهم مسنّون، يحتاجون إلى عناية طبية”.
“وضع صعب جداً”
وتزامناً مع زيارة غوتيريش لكييف، تعرضت المناطق الجنوبية والشرقية من أوكرانيا؛ حيث تتركز الهجمات الروسية، لقصف كثيف؛ إذ قالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إنّ “العدو يُصعد هجومه، وينفذ المحتلون ضربات عملياً في كل الاتجاهات، مع نشاط مكثف خصوصاً في منطقتي خاركيف ودونباس”. فيما أكدت أن الجيش الروسي يحاول منع نقل قوات أوكرانية من الشمال إلى الشرق.
من جانبه، قال رئيس منطقة كراماتورسك الإدارية، أندريه بانكوف، لوكالة فرانس برس إن “الوضع صعب جداً في ليمان في منطقة دونباس، والمدينة كلها محاصرة”. وأشار إلى أن “نصف أراضي المنطقة تحتله الدبابات الروسية الآتية من إيزيوم في الشمال”.
بدوره، قال أوليكسي ميغريني، رئيس خدمات الطوارئ في المنطقة: “لا نعرف ما سيكون عليه الوضع صباح الغد”.
من جهتها، أكدت وزارة الدفاع الروسية أنها دمرت ليل الأربعاء مستودعين للأسلحة والذخيرة في منطقة خاركيف بـ”صواريخ عالية الدقة”، ونفذت ضربات جوية على 67 موقعاً عسكرياً أوكرانياً.
في خيرسون، المدينة الرئيسية الوحيدة التي سيطر الروس عليها تماماً منذ بداية غزوهم، قالت الإدارة المحلية الروسية، الخميس، إنها تريد استخدام الروبل بدلاً من الهريفنيا الأوكرانية اعتباراً من الأول من أيار/مايو. ونددت ليودميلا دينيسوفا بـ”عملية انتهاك خطير من جانب روسيا” لميثاق الأمم المتحدة.
في الجنوب الأوكراني، لم تتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ بدء الغزو من الوصول إلى محطة زابوريجيا التي يسيطر عليها الروس، وقد أعرب مدير الوكالة، رافايل غروسي، العائد من أوكرانيا “عن قلقه”.