الخميس, نوفمبر 28, 2024
Homeمقالاتماذا يحتاج الشعب الكوردي لينتصر الجزء الثالث : د. محمود عباس

ماذا يحتاج الشعب الكوردي لينتصر الجزء الثالث : د. محمود عباس

 

علينا جميعا أن نعيد النظر في واقعنا المعاش، وما يكمن فيه أمتنا من الفقر؛ رغم الخيرات الهائلة لجغرافيتنا، والتي كانت تنهب طوال العقود الماضية، ولا تزال، وعلى مرأى من أعيننا، وليس لنا سوى الحسرة والآهات. والحصول على حصة أو الاستفادة من جزء منه، ونحن في الواقع الحالي، تكاد تكون شبه معدومة، مسيرتها لا تختلف عما حصلت لقدراتنا الفكرية والسياسية والتي هدرت على الخلافات الداخلية، ففي الحالتين تدمر أو تنهب من قبل المحتل الخارجي، وتسرق منا تحت مظلة خلافاتنا، ومن هذه الثروات، وبعجالة إحصائية، سنقدم ثروات غربي كوردستان كنموذج عن الأجزاء الأربعة:

1-    أكثر من نصف مساحة الأراضي المزروعة بالقمح في سوريا والبالغة عام 2007 قرابة 1.7 مليون هكتار، والتي أنتجت ما يزيد عن 4 مليون طن، كانت في غربي كوردستان، أي أن المنطقة قدمت أكثر من مليوني طن من القمح، وهي كمية كافية لتغذية ليس المنطقة فقط، بل ثلاثة أرباع الشعب السوري.

2-    بدأ الإنتاج الرسمي للنفط في سوريا عام 1968، من منطقة (قراتشوك، غربي كوردستان) ومنذ ذلك الوقت لم تدخل قيمة النفط ضمن الخزينة العامة، وبحسب معلومات موقع “بريتش بتروليوم” للنفط فإن إنتاج البترول في سوريا بلغ 406 آلاف برميل عام 2008، وبإحصائيات أخرى ازدادت عن 750 ألف برميل يوميا، أكثر من 60% منها من غربي كوردستان، إلى جانب أنها تملك أكثر من ¾ الاحتياطي السوري العام، في الوقت الذي كانت تصرف اقل من 10% من دخلها البالغ قرابة 4 مليارات دولار على المنطقة الكوردية.

3-    حسب الهيئة العامة للبحوث الزراعية، بلغ أنتاج سورية من زيت الزيتون مليون طن عام 2004 أكثر من ¾ من غربي كوردستان منطقة (عفرين والتابعة لها) والتي كانت تملك قرابة 50 مليون شجرة من أصل 76 مليون شجرة في كل سوريا، نفس العام. أصدرت السلطة ما يصل إلى 35 ألف طن من زيت منطقة عفرين وحدها، في نفس العام، بلغت قيمتها قرابة 130 مليون يورو، لم يحصل فيه الفلاحين الكورد على ربع هذا المبلغ، بسبب تحكم عملاء النظام بأسعار الشراء مقارنة بالبيع بالأسعار العالمية.

4-    وهناك، أنتاج الغاز، والشعير والبقوليات، والعلف، وغيرها، إلى جانب المحاصيل الفصلية، من الخضروات والفواكه، والتي للمنطقة الكوردية حصتها الكبرى من حيث الإنتاج، وشبه المعدمة من حيث العائدات.

5-    النسبة السكانية، والتي ورغم كل مخططات التغيير الديمغرافي، والتعريب القسري، يتجاوز نسبة الكورد ألـ 40% من مجمل سكان سوريا، وهي النسبة التي ظهرت في إحصائيات المستعمر الفرنسي لعام 1932م، واليوم ستظل هي ذاتها، فيما لو تم دراسة أصول السكان في مناطق جبل الكورد، وأطراف حماة واللاذقية وحلب ودمشق، وغيرها، الحقيقة التي ابتعدت جميع الأنظمة المتتالية على الحكم، من فترة حزب الشعب إلى البعث إلى نظام الأسدين، من إجراء الإحصائيات المبنية على الانتماء القومي أو اللغوي، وعرضت الشعوب تحت صفة العرب السوريين. أتذكر كيف كانوا يسألوننا في بداية كل سنة دراسية وطوال المراحل الثلاث، سؤالا عن جنسيتنا، وكان من المفروض القول (عربي سوري)، ففي الشهر الأول من بدء المرحلة الإعدادية، في مدرسة عمر بن الخطاب في قامشلو، عام 1963م، بعد الانتقال من قريتي (نصران) إلى المدينة، سألنا المراقب، والذي كان من مناطق الساحل على ما أظن، السؤال التحريضي ذاته، المنتقل من غرفة إلى غرفة، فكان ردي العفوي الذي عشت عليه في سنوات دراستي في قريتي، ودون معرفة للعواقب، أنني (كوردي سوري) أخرجت بعد فترة من القاعة، وطردت من المدرسة بعد تعنيف وترهيب من المدير والمراقب، طالبين مني أحضار ولي أمري، أتذكر كيف ضحك أخي (أكرم) دون معرفة سببه، الذي كان جالسا بجانبي فقد كنا نشارك الصفوف ذاتها وحتى أحيانا المقاعد، وضحك معه بعض الطلاب في الصف، لكن النتيجة كانت وخيمة. ومن المؤسف، أننا وحتى اللحظة لا زلنا دون القدرة على عرض مشروعنا القومي حتى ولو على مستوى النظام الفيدرالي، تحت حجة واقعية التعامل مع الظروف، والتي أدت بنا إلى الشك على أننا لم نعد نمثل النسبة السكانية التي كنا نؤكدها للعالم والقوى العنصرية في الداخل.

5-    الجغرافية، والتي هي وحسب الدراسات التاريخية، منذ نهاية الحضارة الساسانية وبدايات الإسلامية العربية، وحتى عام 1910 لم يكن يسكنها غير الكورد، إلا كاجتياحات عسكرية، وهي المساحة الممتدة من منطقة جبل الكورد وحيث لواء اسكندرونه حاليا، إلى ديركا حمكو وعين ديوار، وجنوبا يتجاور مع مجرى نهر الفرات، والتي تقدر بأكثر من 1/3 مساحة سوريا، رغم انعدام السكن في معظمها، مع عدم نسيان النسب السكانية الضعيفة بالنسبة لتلك المراحل الزمنية، وحيث الديمغرافية السورية التي لم تتجاوز 3 مليون نسمة في عام 1932م.

6-    في البعد السياسي والثقافي، من السهل معرفة الحضور الكوردي على الساحتين المذكورتين، من خلال عدد رؤساء سوريا والأدباء والمفكرين الكورد، أو من ذوي الأصول الكوردية، والذين بصمتهم واضحة وعميقة في كلية المسيرة السياسية والفكرية الأدبية السورية، بل والعربية.

فالمنطقة الكوردية التي تقدم هذا الكم من الثروات لسوريا، وشعبها بحراكه لا يزالون يعانون الويلات من العوز، وتسرق من قبل الأنظمة المحتلة لكوردستان دون أن يؤخذ بها كبعد وطني، بل كمنطقة محتلة، لذا لا بد وأن يعاد النظر في نوعية إدارة المنطقة، وتعاملها مع المركز، وتكون لها دورها في الإدارة العامة، أو على الأقل تكون للمنطقة سيادتها الخاصة، وهي الفيدرالية، أي تعاد لها الاعتبار، وتحصل على مكانتها المميزة مثبتة ضمن الدستور القادم، فيما إذا أرادت القوى السورية الأخرى التعايش بسلام، وبناء وطن حضاري ديمقراطي متطور، وفي الواقع العملي لن نحصل على هذا دون أن نكون قد بلغنا مرحلة ما من الاتفاق بين بعضنا، دون علينا أن ندرك أن ثرواتنا ستظل ملك للأخرين، وستؤخذ جهار وأمام أعيننا، فلما لا وصاحب الملك ملتهى في صراعاته الداخلية، وليعلم الأخوة القائمين على الإدارة الذاتية، أن المكتسبات الحاضرة وبما يتم فيه التعامل مع الداخل الكوردي آنية، ولا تدخل في خانة النجاحات، وقد أدت إلى هجرة أكثر من نصف الشعب، و70% من النخبة الشبابية، وهي ذاتها في جنوب كوردستان والتي خسرت حتى الأن ثلث مساحتها على خلفية أخطائها مع الداخل وتعاني من الهجرة الشبابية، المستفيد في الحالتين القوى المتربصة بنا، وعلى رأسهم نظامي تركيا وإيران والموالين لهما …

يتبع…

 

د. محمود عباس

الولايات المتحدة الأمريكية

mamokurda@gmail.com

21/3/2022م

 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular