لكل الأشياء مداراتها،
ولكل المدارات ابتداء،
وللشهداء ــ دوما ــ
مدار الدهشة والانتماء!
***
حلم
“بشت ئاشان “
تضيق كفوهة بندقية،
وتنحني كأغنية حب،
فيها أمتد الأنصار بأستقامة الحلم الشيوعي والأمنيات!
أحلام (1)
للقلب شكل القنبلة.
وللرصاص هجس الأصابع،
لم يعرفوا
ــ ولن يعرفوا ــ
أن المبادئ وقوفا عن موقعها تدافع!
أبو حاتم (2)
الجميع قالوا لي : ” لا تبك “.
وكنت أبكيك ،
استنطق الدم في شفتيك ،
الالق المتطامن في عينيك ،
وصرخاتك في بشت ئاشان :
” اثبتوا أيها الرفاق ، أنها ساعة مصير”
الجميع قالوا لي :
” لا تبك ، كان ابنا للحزب ومضى شيوعيا”
1983 أيلول شاره زوور
وصية
كانت أمي توصيني دوما :
يا ولدي ، أحذر… أحذر ،
لا تعط ظهرك للريح ،
اسنده إلى صخرة أو كتف رفيق !
تموز 1982 بيتوش
شوق
أحبتي …
في الصمت نتداعى،
نلم شظايا القلب،لنسترأشلاءالوطن
أخباركم تأتي .
كأضواء المدن البعيدة تأتي،
تحمل الهجس والحنين،
وإذ تأتى الأخبار،
ريح تهز مياسمالروحفتحاصرنيافتراقاتالطرق،
أتشبث بالحلم يا ورد القداح في الربع الخالي
أحبتي،
كل الأغاني لكم حرف قصيدة!
شباط 1983 قرية ” كاني ميو ”
أغنية ليست أخيرة
حبيب الأماني والأغاني . حبيب لي . لرفاقه جميعا ، لنخيل السماوة . لجبال الوطن المعشوقة حد الموت .
اذكره … ، يجئ لمقهى ” علي زغير ” مرحا ، يتأبط ” طريق الشعب ” وذراع صديق جديد ، يغرقنا في ذاكرة مؤرقة بالقصائد ، يهمس لي عن عيون ” سهيلة ” ، يعترض على مسرح اللامعقول ، ينبه إلى صدور كتاب جديد ، وينسل إلى موعد حزبي دون استئذان .
اذكره … ، يقطع ” أبو الستين ” برشاقة، بهيا بين أقرانه ، يناقش أزمة السكن ، وفن الشطرنج ، يلثغ بالراء ، وفي عينيه شئ من مكر وعناد .
اذكره … ، في الأيام الأولى للمحنة ، يملك كل العالم بأمانيه ، ولا يملك مكانا يأويه !
اذكره … ، حين التقينا في الجبل ، كان الثلج في بحر عينيه يزهر لوزا والحزب بين كفيه بندقية .
اذكره … ، حين تلتف أغاني الأنصار على ليل الشتاء ،
” شباب أنصار يا هلنه وضوه العين ” (3 ) .
ننهل صوته ندى وتجلي ، وعلى قلبي أجد وشما لنار العراق .
اذكره … ، و ” سويله ميش ” (4) ندية بدم ” ياسين ” و ” جلال ” والحرائق والهتاف الشيوعي والرصاص .
نذكره … ، في 27 / 9 متدفق الدم ، على ثغره ارتجاف الهتاف وفي عينيه صحب العناد !
نذكره …
من سويلهميش الصوتهزالسماوة
ما مات ” ابن وروار ” بدمه نتغاوه
31 / 10 / 1983 جبل سورين
لا تفزعي !
لها بالطبع … الى أمي !
بين الاحتمال والاحتمال ،
تأتي الطلقة !
لا … لا تفزعي !
فالطلقة التي ستحولني إلى ” سر الليل ،
لم تصدأ بعد ،
الطلقة التي ستبعدني عنك ،
لم تأت بعد ،
لكنها ستأتي …
هذه الطلقة،
سيئة الطالع،
ستمر على كل البحار لتحفر نبعا في قلبي!
28/5/1985
مقر ” ئارموش “
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* النصوص من كتاب ” تضاريس الايام في دافتر نصير ” يوسف ابو الفوز . دمشق. دار المدى 2002.
1 . احلام : “عميدة عذبي الخميسي”. مواليد بغداد 1956 . طالبة في كلية الزراعة . قطعت دراستها وغادرت العراق عام 1978 أبان الحملة الارهابية للاجهزة الامنية للنظام البعثي الديكتاتوري المقبور . عادت مع زوجها الى الوطن ، الى كردستان العراق ، والتحقت بصفوف الأنصار الشيوعيين في 28 / 5 / 1982. أستشهدت في الأول من أيار 1983، على يد مسلحي الاتحاد الوطني الكردستاني، في مجزرة ” بشت آشان” الأولى !
2 ــ أبو حاتم : علي حسين بدر . مواليد السماوة . ( 1947 ؟) . خريج معهد السكرتارية ــ بغداد ، من عائلة عمالية . متزوج . موظف في الإدارة المحلية لمحافظة المثنى ، كان رياضيا بارزا وخلال دراسته الإعدادية والجامعية كانت له مساهمات ونجاحات في لعبة القفز بالزانة . كان نشطا في العمل في صفوف اتحاد الشبيبة الديمقراطي ، وكان عضوا في مكتب سكرتارية الشبيبة لمحافظة المثنى في منتصف السبعينات ، غادر إلى بلغاريا للدراسة الحزبية ، ومن هناك التحق بكردستان ، وهو من الأنصار الأوائل والذين كان لهم شرف الريادة في تأسيس القواعد والمفارز الأولى للأنصار في 1979 . استشهد في احداث بشت ئاشان في 2/5 /1983 وكان متواجدا هناك بمهمة نقل بريد من منطقة الفوج التاسع السليمانية إلى الهيئات القيادية .
3 ــ من أغنية أنصارية كلمات النصير “أبو محمد” ( الشاعر إسماعيل محمد إسماعيل ) والحان النصير” أبو جميلة ” ( الملحن كوكب حمزة ) .
4 ــ في 25 / 9 / 1983 في سهل شاره زوور ، في محافظة السليمانية ، في قرية ” سويله ميش ” ، ذات الأربعة عشر بيتا المتناثرة كالفطر على تلال منخفضة . نجح مرتزقة العدو بالتسلل ليلا ، والاقتراب من القرية وتطويقها ، من مختلف الجهات ، فجرا اكتشف أنصار الفوج التاسع ــ سليمانية ذلك ، وتعذر انسحابهم ، واضطروا ، وعن قرب ، الى خوض ، معركة بطولية ضارية ، غير متكافئة ، استمرت طوال النهار ، تداخلت فيها خطوط القتال بين الأنصار و قوات العدو الذي زج إلى ارض المعركة بوحدات مدرعة مع طيران الهليكوبتر ، وثم وصل المنطقة مفرزة دعم من أنصار الفوج 15 / كرميان ، ومفرزة من أنصار مقر قاطع السليمانية ــ كركوك ، ومجاميع متفرقة من أحزاب حليفة هبت للمنطقة بشكل متأخر ، مما ساعد أنصار الفوج التاسع على الانسحاب نحو مواقع أكثر أمنا . وخلال المعركة الضارية استشهد النصيران البطلان ، آمر الفصيل الأول ومعاون آمر السرية ، ( ياسين طاهر حمه صالح ) ، والنصير ( جلال هونكريني ) ، وتمكن العدو من اسر ثلاثة أنصار اخرين ، هم : سامان (ئاراس اكرم ) ، ومحمد حمه فرج ، ويوسف ( كاظم عبد الحسن وروار ) وبعد يومين تم إعدامهم في مشهد استفزازي لجماهير المنطقة .
7ـــ يوسف ــ كاظم عبد الحسن وروار حاشوش ، مواليد السماوة 1956 ، طالب في الجامعة التكنولوجية / بغداد . فنان مسرحي ، له مساهمات في المسرح المدرسي ومسرح محافظة المثنى . مع بدأ هجمات أجهزة الأمن في عام 1978 اختفى عن الأنظار طويلا ، وكان جريئا فاختار مدينة تكريت مكانا للتخفي منتحلا أوراقا ” تكريتية ” ، التحق بصفوف الأنصار في اواسط شهر تشرين الثاني عام 1982 ، شارك بالعديد من النشاطات السياسية والعسكرية للفوج التاسع ، في معركة سويله ميش 25 /9 /1983 تم اسره ورفيقين اخرين ، وفي يوم 27 /9 قام المرتزقة بإعدامهم على شارع حلبجة ــ سيد صادق ، وفي مشهد استفزازي لجماهير المنطقة و لركاب السيارات الذين أوقفوا بالقوة ليشهدوا بشاعة الجريمة ، وألقى الشهيد يوسف كلمة فضح بها حقيقة السلطة وحث الجماهير على مواصلة النضال ، وتقدم ورفاقه لمواجهة الرصاص بشجاعة وهم يهتفون باسم الحزب الشيوعي العراقي وقوات الأنصار .
النصير يوسف أبو الفوز