الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Homeمقالاتسحر الجعارة: الأزهر يساند حزب «النهضة» الإخوانى

سحر الجعارة: الأزهر يساند حزب «النهضة» الإخوانى

 

(عن قانون الأحوال الشخصية التونسي الجديد)

فى المقال الماضى كتبت تحت عنوان: «هل كفر الرئيس السبسى؟»، وتحدثت عن الهجوم الضارى من مؤسسة الأزهر وشيخها الدكتور أحمد الطيب على تونس، ولم أتصور أن ينتقل الهجوم إلى الدكتور سعد الدين هلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، ولا أن يخرج علينا عالم كبير ليسبّ تونس ويتهمها بأنها ألغت تعدد الزوجات وأباحت الزنا!

لقد حاول دكتور «هلالى» تفسير القرار الذى اتخذته تونس بمساواة المرأة بالرجل فى الميراث، وهو القرار الذى لا يزال بانتظار موافقة البرلمان التونسى عليه. وقد أكد الرئيس التونسى الباجى قائد السبسى، حين أعلن عن مشروع هذا القانون فى أغسطس الماضى، أنه يسعى إلى جعل المساواة هى القاعدة العامة، مع تمكين المواطنين الراغبين فى الاستثناء منها.

فقال «هلالى» إن الحكم بالمساواة فى الإرث بين الرجل والمرأة صحيح فقهاً ولا يتعارض مع كلام الله.. وأضاف «هلالى»، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج «الحكاية»، مع الإعلامى «عمرو أديب»، أن الميراث مسألة حقوق، وليس من الواجبات مثل الصلاة والصوم، مؤكداً أن مسألة الحقوق يكون للناس الحق فى التعامل بها. وهنا قامت القيامة واشتعلت الحرائق وعُلقت المشانق لتنفيذ «الاغتيال المعنوى» فى «الإمام المجدد» الذى يهدد «الدولة الدينية»، برجالها ونفوذها ومصادر تمويلها وسطوتها على المسلمين.. فقال الدكتور أحمد زارع، المتحدث باسم جامعة الأزهر: «الدكتور هلالى لا يمثل جامعة الأزهر فى قريب أو كثير بل يمثل شخصه، وما قاله يخالف نص القرآن ومنهج الأزهر».. وقال «زارع» أيضاً إن الجامعة تتبرأ من تلك الفتاوى وهى لا تمثل أى منهج قائم أو يُدرس بالجامعة. ولا أدرى لماذا لم تتبرأ نفس الجامعة من الدكتورة «سعاد صالح»، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، حين قالت إن بعض الفقهاء أجازوا «معاشرة البهائم» جنسياً، ولا عاقبت الدكتور «صبرى عبدالرؤوف»، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، حين قال بأن «معاشرة الزوج لزوجته المتوفاة حلال، ولا يُعد زنا».. وكأن الجامعة التى أحالتهما للتحقيق تعتبر أنها أمور غير محرمة شرعاً!

جامعة الأزهر هى نفسها التى تضم عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين، الدكتور عبدالمنعم فؤاد الذى كفّر الأقباط علناً، وحين واجهته بقلمى رفع ضدى دعوى قضائية حصلت فيها على البراءة من أول درجة، وهو ما يتضمن «قناعة هيئة المحكمة». وهو أيضاً ومعه «سعاد صالح» ممن أباحوا الرق وملك اليمين فى عصرنا الحالى الذى امتنع فيه الأزهر عن تكفير «داعش»، ورفض الدكتور عباس شومان تكفير من فجّروا مسجد الروضة، و«شومان» نفسه هو من وقف على المنبر -ذات يوم- يطالب بسحب صلاحيات القضاء ومنحها للمعزول «مرسى»، وقت أن كان وكيلاً للأزهر.. فماذا تنتظر من مؤسسة مخترَقة إخوانياً وسلفياً تبرر فتاوى «المراحيض» وتبرر العنف والقتل والإرهاب.. إلا أن تقف ضد محاولات تجديد الفقه الدينى!

مأساة الأزهر، بمختلف جامعاته ومؤسساته، أنه يتعامل بسياسة «المنع» والتعتيم، مع الإبقاء على تلك الأحكام القاتلة والمنافية للدين والعقل والمنطق كما هى.. ويصر على دعم حزب «النهضة» المنتمى لجماعة الإخوان الإرهابية فى معارضته لقرارات السبسى!

لقد أكد الدكتور «هلالى» أن القضية ليست قضية نص دينى، مشيراً إلى أن النص الدينى مقدس عند صاحبه، لافتاً إلى أن القضية هى قضية فهم الدين، مؤكداً على أن النزاع يدور حول الفقه والفهم.

وأوضح أنه يرفض الاجتهاد القديم الموجود فى العلوم الفقهية، موضحاً أن كل شخص له وجهة نظر يحتفظ بها لنفسه حتى وإن كان فقيهاً، معلقاً: «مفيش فقيه يرى لغيره، والفقيه بيقدم وجهة نظره لغيره كاختيار»، مضيفاً أنه لا يفرض وصايته على أى شخص.

الأهم – هنا – أن الدكتور «هلالى» استند إلى نصوص «الوصية» الواردة فى القرآن الكريم مستشهداً بالمذهب المالكى وبالقانون الوضعى، ومؤكداً أن «مصر صاحبة فكرة القانون الذى أصدرته تونس مؤخراً، حيث سبق لنا أن أصدرنا قانون الوصية الواجبة فى عام 1946، لكن ما حدث أن تونس وسّعت نطاق القانون الذى أصدرناه نحن».. وهو يقصد بذلك «الوصية الواجبة» التى تعطى للأحفاد ممن توفى والدهم حق الثلث فى تركة الجد.. وقد مررت أنا شخصياً بهذه التجربة.

بقيت نقطة هامة للرد على حزب وأد الأفكار ونشر الظلام وإرهاب المجددين والمفكرين بمقولة «لا اجتهاد مع النص».. لقد واجهت المدعو «فؤاد» على الهواء بأن «الاتفاقية الخاصة بالرق وُقّعت فى جنيف فى سبتمبر ١٩٢٦، ووضعت خاتمة للاتجار بالأرقاء الأفريقيين، وفى تعديلاتها وضعت الضمانات الكاملة للقضاء الكامل على الرق بجميع صوره وعلى الاتجار بالرقيق»، فعطلت الوثيقة «نصاً قرآنياً» لا أحد ينكره من كهنة الدين!

كما أوقف الخليفة عمر بن الخطاب سهم «المؤلفة قلوبهم» الوارد نصاً فى القرآن فى تقسيم الزكاة، واستبدلت معظم الدول الإسلامية حد السرقة والزنا والحرابة وغيرها مما يقال أنها «حدود شرعية» بعقوبات السجن فى القوانين الوضعية!

لم يتبقَّ – إذن – إلا رأس الدكتور هلالى لترفعوه على باب مشيخة الأزهر قصاصاً لكل دعمكم الفج لفتاوى الإرهاب وتنظيماته، وأفكار رجالكم الشاذة والمتطرفة.. لكن حتى لو اغتلتموه جسدياً فستبقى أفكاره خالدة.. كما قال «ابن رشد»: «الأفكار لها أجنحة تطير إلى عقول العقلاء مهما طال الزمن».

RELATED ARTICLES

1 COMMENT

  1. (( إن الحكم بالمساواة فى الإرث بين الرجل والمرأة صحيح فقهاً ولا يتعارض مع كلام الله.))
    هذا يعني أن سورة النساء 11 و 176 ليس كلام الله , هل هذا معقول ؟ والقائل إمام أزهري كبير !

    طيب الميراث مسألة حقوق فما بالك بالشهادة ؟
    يشهد رجلان أو رجل وإمرأتان ؟

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular