في محيط مزار(شرف الدين)على جبل سنجار (125كم غرب الموصل)، حيث ترفرف أعلام اقليم كردستان، محددة هوية الجهة التي تسيطر على الموقع المقدس لدى الايزيديين، تابع مقاتلون ايزيديون بحذر نتائج آخر موجة اشتباكات شهدتها المدينة بين قوتين أمنيتين نافذتين والتي أدت الى نزوح نحو عشرة آلاف ايزيدي كانوا قد عادوا الى مناطقهم في الفترات السابقة.
الاشتباكات جرت في مطلع أيار/مايو2022 ، بين قوات من الجيش العراقي، ومقاتلي وحدات (مقاومة سنجار)الايزيدية التي تضم نحو الف مقاتل وتنضوي تحت لواء الحشد الشعبي رغم كونها مقربة ايديولوجيا من حزب العمال الكردستاني.
اشتباكات لم تكن الأولى، لكنها كانت الأوسع، سقط خلالها، أربعة قتلى وعشرة جرحى من الجانبين، وأثارت مخاوف الايزيديين سكان المنطقة، من احتمال تكرار ما حدث لهم بدءاً من آب/غسطس2014.
عندما هاجمهم عناصر تنظيم داعش، وقتلوا واختطفوا منهم آلافاً، فيما نزح عشرات الآلاف نحو إقليم كردستان ومازال الكثيرون منهم باقون في المخيمات على الرغم من مرور أكثر من سبع سنوات على نزوحهم.
ومنذ تحرير قضاء سنجار من داعش في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 وصراعُ سيطرة محتدم فيها بين قوى متنافسة عدة، عربية وكردية، نظراً لما تشكله المنطقة من أهمية بالنسبة إليها فضلاً عن دول إقليمية كإيران وتركيا.
فالأولى تعد سنجار، جزئاً مهما من طريقها الاستراتيجي نحو سوريا أو ما يصفه موالون لها بـ(طريق السبايا)، في حين أن تركيا تعدها بوابةً لتوغلها نحو المناطق التركمانية في قضاء تلعفر المحاذي لسنجار، ومفتاحاً لمدينة الموصل(405كم شمال بغداد)ولايتها المفقودة تاريخياً.
تحد المنطقة، الحدود السورية غرباً، والبادية العراقية جنوباً حيث معقل الجماعات السنية المسلحة منذ 2003 لغاية 2017. وشمالاً اقليم كردستان الذي يحكمه الحزب الديمقراطي الكردستاني الى الحدود التركية، وشرقاً مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى وأكبر واهم المدن السنية والتي تضم في ذات الوقت خليطا عربيا كرديا تركمانيا سنيا وشيعيا.
ظلت مدينة سنجار، مركز القضاء الذي يحمل أسمها كذلك، مع غالبية قراها وتجمعاتها السكانية خاضعة وبنحو شبه كامل لإدارة الحزب الديمقراطي الكردستاني منذ سقوط النظام العراقي السابق في نيسان 2003 لحين اجتياحها من قبل داعش في آب/أغسطس 2014.
إذ انسحبت القوات التابعة له(البيشمركة) دون قتال يذكرـ تماماً كما فعل الجيش العراقي في مناطق أخرى خضعت لداعش لاحقاً، لتقع سنجار بمن فيها من مدنيين تحت سيطرة مقاتلي تنظيم داعش، ولم تنتهي تلك السيطرة إلا بعد حربٍ مدمرة، وتقسيم جغرافي طالها، أطرافهُ كرد وايزيديون (بانتماءاتهم السياسية المختلفة) والحشد الشعبي والجيش العراقي.
خارطة توزيع القوى
في المدينة التي مازال نحو ثلثا سكانها نازحين بعد أكثر من ست سنوات على استعادتهما، تنتشر وحدات من الجيش العراقي وترفرف الاعلام العراقية الموزعة بكثافة على أسطح الدوائر الحكومية والأبنية الرئيسية، فيما ترتفع أعلام فصائل الحشد الشعبي المختلفة والقوى الايزيدية المتباينة التوجهات في بنايات أخرى قريبة من بعضها.
تبسط فصائل الحشد الشعب المقربة من إيران التي تعد الحاكم الفعلي للمنطقة وصاحبة القرار فيها، سيطرتها على جنوبي غرب سنجار، على طول الشريط الحدودي مع سورياً وشرقاً الى مدينة تلعفر وجنوباً الى قضاء بعاج.
أما في جبل سنجار شمالاً، على طول امتداده شرقاً و المجمعات السكنية المحيطة به، تنتشر وحدات مقاومة سنجار الايزيدية الموالية فكرياً وعقائدياً لحزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا.
وليس بعيداً، في شمالي قضاء سنجار كذلك، تسيطر الوحدات التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني والتي تأمل في استعادة سيطرتها المفقودة على القضاء مجدداً.
على الطرق الرئيسة والفرعية التي تربط تلك المناطق ببعضها، تنتشر الكثير من نقاط التفتيش والحواجز الأمنية، لا يكاد يفصل بين نقطة وأخرى أحيانا الا بضعة عشرات من الأمتار، كمؤشر واضح للنزاع الدائر بين القوى النافذة للسيطرة على المواقع المهمة.
تقدر مصادر امنية في سنجار، وجود أكثر من 10 آلاف عنصر مسلح في سنجار ينتمون لفصائل الحشد المختلفة الى جانب القوى الايزيدية بمختلف تشكيلاتها والتي يقدر عددها بثلث ذلك الرقم، عدا قوات الجيش والبيشمركة الكردية.
تنتشر قوات مقاومة سنجار الايزيدية المعروفة باسم (يه به شه) وقوات اسايش ايزيدخان والتي أسسها ودربها حزب العمال الكردستاني وباتت فكريا تميل للحزب رغم انضمام جزء كبير منها لقوات الحشد الشعبي بشكل رسمي، في مناطق زورئافا، كوهـ به ل، بورك، وبارى وسكينية، وناحية كرعزير ومجمع سيبا شيخ خدر ومجمع كرزه رك، ومجمعي دوو كرى وخانه سورى الذي يتبع ناحية سنوني، وتحتفظ بوجود في داخل المدينة كمراكز حزبية.
ويبلغ الوجود الرسمي لمقاتلي مقاومة سنجار ضمن الحشد الشعبي وتحديدا اللواء 80 وفق الأرقام المتداولة بنحو الف مقاتل يتلقون رواتبهم من بغداد. لكن هناك ضعف هذا الرقم ضمن قوات مقاومة سنجار لم يتم دمجها بفصائل الحشد، وهذا مطلب رئيسي لدى المقاتلين الايزيديين، الى جانب نحو 750 عنصرا من أسايش ايزديخان.
فيما تنتشر القوات العراقية في مركز المدينة وعلى الطرق الرئيسية الممتدة من المدينة شمالا وشرقا وجنوبا وغربا حيث تتوزع حواجزها العسكرية، كما في المناطق على الحدود السورية، وتحتفظ بتواجد قوي في ناحية سنوني شمال سنجار.
وتنتشر فصائل الحشد الشعبي في مركز المدينة وفي شرقها وكامل المناطق الجنوبية نزولا الى البادية والصحراء. وضمن الحشد هناك (لالش) وهي قوة ايزيدية أخرى تتلقى أوامرها من الحشد، الذي يضم مقاتلين من عصائب اهل الحق، وكتائب حزب الله، والنجباء، وبدر. وزادت تلك القوات من عدد مقاتليها في الربع الاول من العام 2021 بحجة مواجهة أي تدخل تركي.
بينما يحتفظ اقليم كردستان بمئات المقاتلين في منطقة “مزار شرف الدين” بجبل سنجار منظمون لقوات البيشمركة الكردية، ويتوزع آلاف آخرون في مناطق شمال غربي سنجار التي تخضع لسيطرة حكومة كردستان.
هكذا هو الأمر، إذ يقتصر نفوذ الجيش والشرطة العراقيين على مركز مدينة سنجار وبعض النقاط المحيطة بها فضلاً عن الحدود السورية، فيما تسيطر فصائل الحشد الشعبي، بولاءاتها المتعددة والتي تتبع رسمياً الأجهزة الامنية العراقية لكنها في الواقع لا تخضع لأوامرها، على معظم مناطق غرب وجنوب القضاء.
الايزيديون الذين يملكون حضوراً في قوى الجيش والشرطة والحشد وقوات البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي، يحتفظون أيضا بقوى مسلحة خارج البنية الشرعية للدولة تماماً، وهي قوى نافذة وتحظى بنوع من التأييد الشعبي.
وسط تلك الجغرافية المعقدة لتوزيع القوى المسلحة والأمنية في سنجار التي لم تشملها مشاريع اعادة الاعمار الا بنحو محدود، يحاول عشرات الآلاف من الايزيديين استعادة حياتهم التي عبثت به داعش.
لكن صراعات النفوذ والتي تتحول بين فترة وأخرى الى معارك مباشرة تستخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة تهدد بتدمير(حلم اعادة الحياة) لموطن الايزيديين الرئيسي وأكبر نقاط تواجدهم في العالم.
في آخر جولة من المعارك مطلع أيار2022، أعلن محافظ دهوك علي تتر عن وصول نحو عشرة آلاف نازح من سنجار الى مخيمات اقليم كردستان هرباً من الاشتباكات واحتمال توسعها، فيما وأكدت دائرة الهجرة والمهجرين في محافظة دهوك ذلك، بإعلانها عن إحصائية تتعلق بالنازحين الجدد، قوامها 1811 عائلة يقدر عدد افرادها بـ10 آلاف و261 شخصاً، تم توزيعهم على 15 مخيما في المحافظة.
“سنجار” او “شنكال” كما تسمى بالكردية، هي مدينة موغلة في القدم اكتسبت أهميتها من كونها محطة رئيسية في واحد من أبرز طرق التجارة الدولية طوال قرون، وتقع على حافة الجبل الشهير باسمها والذي يعتبره الإيزيديون منقذهم الأوحد خلال الفترات التي تعرضوا لها للابادة، وكان قد أنقذ الإيزيديين رفقة الأرمن الهاربين من الهجمات العثمانية 1915- 1916 وتكرر ذلك في العام 2014 حين لجأ الإيزيديون للجبل هاربين من هجوم تنظيم داعش، وهناك مات مئات الايزيديين عطشا وجوعا قبل ان يتم فتح ممر لانقاذهم عبر سوريا. ووصفت الأمم المتحدة ما حصل بجريمة “ابادة جماعية بسبب الانتماء الديني”.
وتعد سنجار من المناطق المتنازع عليها بين بغداد واربيل منذ 2003 وكانت قوات البيشمركة الكردية تسيطر على غالبية الحدود الادارية للقضاء لغاية 2014 حين انسحبت اثر هجوم داعش، ووصف القادة الكرد حينها الانسحاب بالتكتيكي لكنه تسبب بمقتل واعتقال نحو خمسة آلاف ايزيدي مازال مصير نحو نصفهم مجهولا. وفي العام 2015 تم تحرير سنجار من قبل قوات البيشمركة الكردية برفقة قوات ايزيدية وأخرى تابعة لحزب العمال الكردستاني وبدعم من قوات التحالف الدولي الا ان سيطرة البيشمركة هذه المرة لم تدم طويلا فقد انسحبوا منها مجددا وتركوا ادارتها للقوات العراقية نهاية عام 2017 اثر تداعيات استفتاء انفصال كردستان.
مناطق نفوذ وتدخلات دول
(سعد حمو) ناشط مدني يتنقل بين مناطق سنجار المختلفة لالتقاط الصور والفيديوهات التي توثق حياة الايزيديين، يقول بأن سنجار “متخمة بالقوى الأمنية والجماعات المسلحة المتنافسة والتي خوفا من صراعاتها يمتنع معظم السكان النازحين منذ 2014 عن العودة اليها”.
أشتهر حمو بعدم مغادرته لجبل سنجار منذ ولادته، وبقي هناك خلال الفترة التي اجتاح بها داعش القضاء موثقا المعارك التي خاضها الإيزيديون هناك ومعاناتهم جراء ما واجهوه.
يشير بيده إلى مبنى قريب “هنا في مزار شرف الدين، تتمركز قوات البيشمركة الإيزيدية، لكن على امتداد الطريق شمالا وجنوبا ستشاهد حواجز عسكرية للجيش العراقي واخرى للحشد الشعبي وثالثة لقوات مقاومة سنجار، ورابعة لوحدات حماية ايزيدخان، وكل طرف له مرجعيته الأمنية”.
ثم يمد ذراعه مشيراً إلى الناحية الجنوبية لجبل سنجار “في مركز المدينة، الحضور الأبرز للجيش والشرطة حيث يرفع العلم العراقي، لكن في قرى جنوب وشرق المدينة تجد رايات قوات الحشد الشعبي المختلفة بضمنها القوات الايزيدية ، وفي مجمعي دوو كرى وخانه سورى شمالا تنتشر قوات مقاومة سنجار بتفرعاتها والتي ترفض دخول الجيش إلى تلك المناطق التي تتبع ناحية سنوني”.
يرى حمو الذي شهد جميع التحولات التي حصلت في سنجار منذ 2003 أن وضع المدينة مرتبط “بوضع العراق بنحو عام فلا حل دون استعادة قوة الدولة..الأمر صعب لكن الجيش يحاول السيطرة على الأمور”.
ويعتقد أن سنجار لم تعد مشكلة داخلية عراقية، بل “باتت لا تفارق أحاديث رؤساء بعض دول العالم”.
فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يكرر في تصريحاته أسم سنجار وتواجد حزب العمال الكردستاني فيها، ويعلن قادة موالون لإيران مثل زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، مواقفهم بإنتظام، بشأن “حماية المدينة من التنظميات الارهابية وأي تدخلات خارجية”، بينما لا تفارق المدينة تصريحات قادة إقليم كردستان، ودعواتهم المتكررة لضرورة ادارة ملفها الامني بنحو مشترك مع بغداد.
وفي مؤتمر بغداد الذي عقد في 28 أغسطس/آب 2021 بحضور عدد من قادة دول المنطقة فضلاً عن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي تحدث عن الوضع المعقد للمدينة المنكوبة وكرر حديثه عنها خلال زيارته في اليوم التالي لكنيسة الساعة بمدينة الموصل.
إذ قال “وضع سنجار غير مستقر وآلاف الإيزيديين لا يمكنهم العودة لمناطقهم لأسباب عديدة منها الهجمات التركية”.
وتشن تركيا بالفعل هجمات متكررة بالطائرات المسيرة على القضاء، وتقول عبر تصريحات مسؤوليها، أنها تستهدف مقاتلين لحزب العمال الكردستاني يتحصنون في مجمعات سنجار ويشكلون تهديداً للأمن القومي التركي.
ولمواجهة وضعها المعقد، أعلنت الحكومة الاتحادية برئاسة مصطفى الكاظمي في تشرين الاول/ أكتوبر 2020 وبالاتفاق مع اقليم كردستان عن خطة شاملة عرفت بـ(اتفاقية سنجار) لإعادة الاستقرار إلى المدنة والقضاء واعمارهما.
تضمن الاتفاق الذي حظي بدعم دولي، إخراج المجاميع المسلحة من المدينة وتسليم ادارة ملفها الأمني الى الجيش والشرطة بالتنسيق مع حكومة اقليم كردستان، لكن الفصائل القريبة من ايران كما قوات مقاومة سنجار رفضت تطبيقه.
الاتفاقية المعطلة
في نهاية آب/أغسطس 2021 وصف مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي خلال مشاركته في ملتقى الرافدين للحوار، اتفاقية سنجار بـ(المنصفة)، مشيراً الى انها متوازنة على الرغم من أنها “لن ترضي الجميع مئة بالمئة” وقال أيضاً”من أجل أن تُطبق لا أن تعوّق”.
وأضاف الأعرجي أن “الإرادة موجودة لتطبيقها”. لكن تلك الأرادة يبدو انها تتقاطع مع المعطيات على الأرض حتى مع الاعلان عن تشكيل قوة محلية رسمية من الإيزيديين لحماية المدينة.
تتوزع اتفاقية سنجار على ثلاثة محاور، الاول إداري ويتمثل باختيار قائممقام جديد للقضاء ومسؤولين لباقي المواقع الادارية، والحمور الثاني امني ويتضمن تولي الشرطة المحلية وجهازا الأمن الوطني والمخابرات مسؤولية الملف الأمني وإبعاد جميع التشكيلات المسلحة الأخرى خارج حدود القضاء، والمحور الثالث يتعلق بإعادة الإعمار ويتضمن تشكيل لجنة مشتركة من حكومتي بغداد واربيل لإعادة الإعمار بالتنسيق مع الإدارة المحلية في نينوى.
وطوال أكثر من عام تحدثت الحكومة الاتحادية عن تطويع 2500 إيزيدي وتنسيبهم لدى وزارة الداخلية بضمنهم 1500 شخص يقطنون المخيمات في إقليم كردستان، و1000 آخر من داخل سنجار، لتشكيل قوة ستتولى الملف الأمني داخل سنجار.
لكن الأمور بقيت كما هي دون تقدم يذكر على الأرض. وذكر مصدر في مستشارية الأمن الوطني أن العملية تعطلت بسبب موقف وزارة المالية التي لم توفر التخصيصات في انتظار اقرار الموازنة الاتحادية.
(سعيد الجياشي) مستشار الأمن الاستراتيجي في مستشارية الأمن القومي العراقي، ذكر بأن الاتفاقية بدأ تنفيذها في الأول من كانون الأول/ديسمبر 2020 وفيها ثلاث محاور أساسية، هي : “المحور الإداري من خلال تعيين قائممقام ومدراء دوائر جدد، والمحور الأمني الذي يشمل استبدال القطعات وتحديد المسؤوليات وتنظيم الشرطة المحلية لسنجار إضافة الى الجيش لتحمل المسؤولية داخل القضاء والمحور الثالث هو محور الاعمار تتولاه لجنة مشتركة”.
(خديدا سعيد)وهو ايزيدي في عقده الرابع، يعيش في سنجار، كان برفقة صديقه المسلم علي أحمد، في زيارة سريعة لسوق سنجار، قال بشيء من الإحباط “من الواضح أن معظم بنود الاتفاقية لم تنفذ والى اليوم لا يوجد قرار اداري او أمني موحد، وتبدو أنها عمليا غير قابلة للتطبيق.. لم يتم أخذ رأي قوات مقامة سنجار الايزيدية ولا رأي فصائل الحشد الشيعي القوية حين تم الاتفاق، لذلك بقي حبراً على ورق”.
قاطعه صديقه أحمد “انا من قرى جنوب سنجار، لم أستطع العودة.. بيتي هناك مازال مهدما، الفصائل الشيعية هي الحاكمة هناك .. نعم هي تفرض الاستقرار لكن هنالك خوف دائم”.
وبالعودة إلى المستشار الجياشي، فأنه يرى بأن الاتفاق الذي ولد بإرادة حكومتي بغداد والإقليم سيمضي بنفس الإرادة، وأن نحو 40% من الجانب الأمني نفذ من خلال تبديل القطاعات العسكرية وتحديث قطاعات جديدة والمباشرة باستحداث أكثر 2500 درجة وظيفية في شرطة سنجار، لافتاً الى إكمال ملفات 500 عنصر من أصل العدد المذكور وقد تم إقرارها في الموازنة الاتحادية، وفقاً لما قال.
للواء عبدالخالق طلعت ممثل حكومة إقليم كردستان في قيادة العمليات المشتركة العراقية، رأي مخالف، ويؤكد بأن أي فقرة من الاتفاقية لم تنفذ، وأن القوى المسلحة في المنطقة وبنحو خاص الفصائل التي توالي حزب العمال الكردستاني(يقصد قوات مقاومة سنجار المعروفة باسم يه به شه) ليست مستعدة لتنفيذ الاتفاقية.
ويحذر طلعت من تبعات عدم تنفيذ الاتفاقية بقوله “ذلك سيجعل مستقبل سنجار أكثر سوءاً، لذا فإما أن تسيطر الفصائل المسلحة على المنطقة أو أن تعيد الحكومة العراقية فرض سيطرتها باستخدام القوة العسكرية”.
يتفق معه حيدر ششو قائد قوات حماية إيزديخان في سنجار، التي تتبع وزارة البيشمركة في إقليم كردستان. ويشير بدوره إلى أن هناك قوى وأطرافاً عراقية لم يسمها، لا تريد لاتفاقية سنجار أن تنفذ “رغم أن ذلك هو الحل الوحيد لتطبيع أوضاع المنطقة” وفقاً لتعبيره.
وينبه ششو الى أن الحاكم الفعلي في معظم مناطق سنجار، هو الحشد الشعبي ويقول” الكل يعرف الجهة التي يتبعها الحشد”، ويعني بقوله هذا إيران.
وكان وزير الداخلية في حكومة إقليم كردستان ريبر أحمد، قد أكد في أكثر من مناسبة أن اتفاق سنجار “نُفذ شكليا فقط”، منبها الى أن “أعداد المليشيات زادت في سنجار، على عكس بنود الاتفاق المبرم”.
وتؤيد تركيا من جانبها تنفيذ الاتفاقية، لأنها تضمن لها انهاء أو تقليل نفوذ حزب العمال الكردستاني من خلال قوات مقاومة سنجار، كما ستقلل من دور فصائل الحشد الشعبي الشيعي.
تركيا وايران
لا تتردد تركيا في التهديد بالهجوم على المنطقة وفرض ارادتها هناك في حال فشل الحكومة العراقية كما تقول بإنهاء وجود حزب العمال الكردستاني في قضاء سنجار. وتفضل أنقرة أن تعود سلطة الحزب الديمقراطي الى سنجار على الوضع القائم حاليا، رغم أنها لا تخفي تطلعها لاقامة معبر حدودي جديد لا يخضع لسلطة كردستان ويربطه مباشرة بسنجار ومنها الى تلعفر التركمانية.
وتشن الطائرات التركية هجمات متكررة، تزامن وقوع أحدها في اليوم الذي زار فيه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي سنجار منتصف آب/أغسطس 2021 وأدى الى مقتل قيادي ايزيدي استهدفت سيارته وسط السوق القديم بالمدينة أثناء توجهه للقاء الكاظمي.
بعدها بيوم واحدٍ فقط، استهدفت الطائرات التركية مستشفى تابع لوحدات مقاومة سنجار المنضوية تحت لواء الحشد مما أدى إلى مقتل ستة عناصر من القوى وإثنين من الكوادر الطبية بينهم إمرأة.
الكاظمي الذي كن قد فشل في تحجيم قوة الفصائل المسلحة في بغداد ، كرر يومها رغبة الحكومة بتنفيذ اتفاقية سنجار، وقال إن “مأساة الأيزيديين يجب أن لا تتكرر، وأن الدولة ستدافع عن أبنائها، وعن خصوصية الأيزيديين كمواطنين عراقيين، وأن الدم العراقي لن يكون رخيصاً أبداً”.
ايران من جانبها تعرقل ومن خلال الفصائل المسلحة الموالية لها تطبيق الاتفاق، بل أن زعيم حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، دعا في آذار/مارس 2021 الى إلغاء الاتفاقية، ووصفها بـ “صفقة سياسية لحسابات انتخابية على حساب مصلحة المواطنين الإيزيديين”.
وعد الخزعلي “المضي في هذه الصفقة معناه إعادة سنجار إلى من فرط بها وغدر بأهلها، بعد أن قدم أبناؤنا من القوات الأمنية وفي مقدمتهم الحشد الشعبي الدماء الغالية من أجل تحريرها وإعادتها إلى حضن الوطن” وكان يعني في شق كلامه الأول، إقليم كردستان.
ورأى زعيم عصائب أهل الحق بأن الحل الأفضل يتمثل في “الاستجابة لمطالب أهالي سنجار ودعمهم وتمكينهم للدفاع عن مدينتهم خصوصاً الحشد الشعبي من أبناء الطائفة الإيزيدية”.
وفي شباط/فبراير 2021 تبادلت طهران وأنقرة الاتهامات بشأن التدخل في العراق، وطلبت كل دولة من سفيرها لدى الدولة الأخرى القدوم لوزارة الخارجية للاحتجاج على التصريحات المتبادلة بشأن الوجود العسكري التركي في العراق والهجمات الجوية بما فيها على سنجار.
وحذر حينها السفير الإيراني لدى بغداد إيرج مسجدي أنقرة “لا نقبل إطلاقا بأن تتدخل تركيا في العراق أو أن تتقدّم وتحظى بوجود عسكري هناك”، فرد السفير التركي لدى بغداد فاتح يلدز “إن السفير الإيراني آخر شخص يحق له إعطاء تركيا دروساً بشأن احترام حدود العراق”.
شرعية أم غير شرعية؟
يقول النائب السابق في البرلمان العراقي حجي كندور، والذي يرأس الحركة الايزيدية من أجل الاصلاح، وهي حركة سياسية تؤمن بالقومية الايزيدية وتتقاطع مواقفها مع باقي القوى الايزيدية الموالية لاقليم كردستان وتلك المقربة من حزب العمال، ان الحل “يكمن في اخراج القوات غير الشرعية وتسليم المنطقة للقوات العراقية لكي تتولى حفظ الأمن فيها وحمايتها”.
لكن توصيف “القوات غير الشرعية” اشكالي، فالبيشمركة تعدُ(قوات مقاومة سنجار)، قواتً غير شرعية ودخيلة على الرغم من أن جزءاً كبيراً منها “يملك الشرعية القانونية بانضمامه للحشد الشعبي”.
بل أن قوى سياسية كردية ترى في الحشد الشعبي نفسه قواتاً غير شرعية، في حين يصنف بعض قادة الحشد قوات البيشمركة على أنها غير شرعية، كونها لا تخضع لأوامر الحكومة الاتحادية والقائد العام للقوات المسلحة.
وترفض القوى الايزيدية المقربة من حزب العمال، والتي أسست هياكل ادارية وامنية يقودها ايزيديون عراقيون، وصفها بالدخيلة وغير الشرعية، ويؤكد قادتها على عراقيتهم واحترامهم للقانون وسلطة وسيادة الدولة.
يقول مسؤول لجنة العلاقات في الإدارة الذاتية في سنجار، فارس حربو، أنهم يحرصون دائما على السيادة العراقية “نفتخر بكوننا جزءا من هذه الدولة العريقة، لكننا نرفض اتفاقياتها مع القوات التي سلمت سنجار دون مقاومة الى تنظيم داعش”.
ويتابع “الاتفاقيات يجب أن تأخذ رأي مواطني سنجار وأهالي الضحايا، وأن يتم بحثها وإقرارها في سنجار وليس في مكان آخر.. نحن أحرص الأطراف على عودة النازحين ونعمل لتحقيق ذلك عبر تهيئة الأجواء، وسنؤيد أي اتفاق يأخذ برأي الشارع الايزيدي”.
وردا على اتهامهم برفض انتشار الجيش في مجمعات شمال وغربي المدينة وهو ما أدى الى وقوع اشتباكات لأكثر من مرة ونزوح آلاف المدنيين، يقول حربو “نحن لا نرفض السيادة العراقية ونعتبر نفسنا جزءاً من القوات العراقية، لكن يجب أن يجري ذلك عبر تفاهمات مشتركة خاصة وأن أهالي سنجار لا يثقون بالقوات التي خذلتهم عدة مرات” على حد تعبيره.
ويرد حربو، على من يتهم قوات (يه به شه) بأنها غير شرعية، وأنها جزءا من حزب العمال ويتلقون دعما ايرانياً “هذه الاتهامات تحصل لعرقلة مسيرة هذه القوة العراقية نحو الحرية والديمقراطية، هذه قوة سنجارية خالصة مدعومة من قبل أهاليها المخلصين وتأخذ القوة من مقاومة أمهات ضحايا الـ 74 حملة ابادة عرقية تعرضوا لها”.
تنسيق العمال والحشد
في آذار/ مارس 2018 بينما كان الحشد الشعبي يعزز سيطرته على سنجار وقرارها الأمني بالتوازي مع انتشار الجيش فيها إثر انهيار تنظيم داعش، وفيما كثفت تركيا من هجماتها الجوية وضغوطها على العراق وهددت بالتدخل في سنجار.
أعلن حزب العمال الانسحاب من المنطقة، لكن ضمانهِ وجوداً شرعياً لجزء من مقاتليه الايزيديين ضمن وحدات الحشد الشعبي، وفعلياً سحب الحزب غالبية مقاتليه غير العراقيين لكنه أبقى على عدد من كوادره المؤثرين في القرار بسنجار.
ويرى مراقبون للأحداث أن هنالك تنسيقا”تحت الطاولة” بين حزب العمال والحشدـ فرضه تلاقي مصالحهما هناك ضد عودة البيشمركة وتعزيز نفوذ الجيش، وان كان ذلك يتعارض مع مصالح أهل سنجار وخطط تمكينهم من العودة لمناطقهم.
يقول الناشط المدني سعد حمو، أن الوجود الحالي للعمال الكردستاني تحت أي شكل وبأي ذريعة ليس في مصلحة الايزيديين “نعم لا أحد ينكر وقفوفهم مع أهالي سنجار في محنتهم خلال غزو داعش لمناطقهم في آب/اغسطس 2014 لكن تواجدهم اليوم ليس في مصلحة الايزيديين ولا الحزب نفسه، وهو يعرض المنطقة لمزيد من الهجمات التركية والأزمات”.
ويشير حمو الى تصريح لوزير الدفاع العراقي، يقول فيه أن العراق لا يملك القدرة على الرد على الهجمات والتدخلات التركية أو غيرها “وفق ذلك أنقرة قادرة على دخول العراق وضرب سنجار بل والتقدم للسيطرة عليها”بذريعة تواجد العمال الكردستاني، ذلك التواجد الذي يثبته الحزب بنفسه وبشكل مستمر عن طريق رفع أعلامه وصور قادته خلال المظاهرات أو غيرها من الفعاليات”.
وينبه حمو الى مشكلة انتشار الحشد وتدخله في سنجار، مبينا أن الحشد مؤسسة منقسمة وأن جهات فيه تتلقى دعماً خارجياً لتحقيق مصالحها وهذا يخلق مشاكل أمنية وسياسية لأنه يأتي على حساب مصلحة العراق.
لكن مستشار الأمن الاستراتيجي سعيد الجياشي، يعد تواجد الحشد شرعيا تماما كونه مؤسسة أمنية عراقية وينفي وجود نص في اتفاقية سنجار يخص الحشد، مشيرا إلى أنها يمكن أن تمارس دورها الأمني وفق خطط قيادة العمليات المشتركة.
ويستدرك “المسؤوليات حددت داخل سنجار ومراكز الوحدات الإدارية بالشرطة المحلية يساعدها في ذلك جهاز الأمن الوطني والمخابرات، أما في محيط القضاء فالمسؤوليات تعود للقوات الاتحادية.في مركز سنجار تحقق الهدف ويجري العمل في المناطق الاخرى”.
“أما حزب العمال فوجوده غير مقبول على الأرض العراقية” يقول الجياشي، موضحاً أن لا وجود للعمال في مركز قضاء سنجار ، لكن هناك بقايا لهذا الحزب في جبل سنجار وبعض المناطق الأخرى ويجري العمل على إخراجها تدريجيا”.
اتفاقية سياسية وتحالف مؤقت
يتهم محما خليل، النائب عن الحزب الديمقراطي بالبرلمان العراقي وقائمقام سنجار السابق، حزب العمال الكردستاني والفصائل الموالية لإيران بتعطيل تنفيذ اتفاقية سنجار، ما يولد مشاكل أمنية تعرقل عودة النازحين وتؤدي الى موجات نزوح للذين عادوا لمناطقهم بعد سنوات النزوح الطويلة.
ويقول بأن هذه الأطراف تعارض الاتفاق لأنها تخشى أن يؤثر سلبا على مصالحها. ويضيف “النازحون يريدون العودة إلى ديارهم، لكن التوترات المستمرة بسبب وجود حزب العمال وقوات الحشد الشعبي تمنع تحقيق ذلك، الى جانب الافتقار للخدمات الأساسية التي تمثل عاملا رئيسيا آخر في دفع النازحين لعدم العودة.
ويستدرك محما: “لا يمكننا القول بأن الحشد الشعبي يمنع عودة النازحين، لأن العودة مرهونة بالاستقرار والشعور بالأمان، ولو لم تكن هذه الفصائل موجودة في سنجار لكانت عودة النازحين أسهل، ولعمّ الاستقرار مع تطبيع الأوضاع وتوفير الخدمات”.
لكن الباحث السياسي المقرب من فصائل الحشد، حيدر البرزنجي، يرى بأن اتفاقية سنجار هي “سياسية أكثر من كونها اتفاقية أمنية وأخذت الوقائع على الأرض بنظر الاعتبار” وذكر بأن طبيعة الموقف الأمني تحددهُ الجهات الماسكة للأرض، مشيراً بذلك الى الحشد الشعبي وقوات مقاومة سنجار. ويكرر لكن ما حدث “هو اعلان اتفاقية سياسية”.
ويوضح “الواقع العملي يقول بأن الحشد الشعبي هو من حرر تلك المناطق، وهناك لواءان في الحشد من أهالي سنجار، وبالنتيجة فان قادته ممتعضون من عودة البيشمركة لحكم مناطق هم قاموا بتحريرها”.
ويصف البرزنجي موقف الحكومة بالحرج “لأنها تريد أن تجمع بين الأضداد وهذا أمر مستحيل”.
رافضاً الاتهامات الموجهة للحشد بأنه يفرض إرادته في سنجار، ويرى بأن الاتهامات هذه هدفها ابعاد الحشد عن المنطقة لاعادة البيشمركة اليها، حسبما قال.
كم وجه انتقادات شديدة لتركيا “هي تتدخل في الشأن الداخلي العراقي وتنشيء قواعد عسكرية لها داخل العراق في خرق لكل الأعراف السياسية والدبلوماسية، وتقوم بهجمات في مخمور وسنجار واقليم كردستان”.
ويتابع :”حزب العمال موجود منذ 40 عاما في المناطق الحدودية، فلماذا يتم زج سنجار في الصراع وهي منطقة غير حدودية مع تركيا، إن لم يكن الأمر متعلقا بأطماع اقتصادية لأنقرة”،
ويعلق المحلل السياسي غانم العابد، على التحالف الخفي بين حزب العمال وفصائل في الحشد الشعبي “رغم تقاطع ايديولوجية الطرفين، فأن التحالف موجود في سنجار ومخمور بغض النظر عن قناعاتيهما، خاصة في ظل وجود ثقل كبير للفصائل في المنطقتين “لذا لا يوجد أمام العمال غير خيار التحالف والا فانه سيخسر تواجده هناك كليا”.
ويرى العابد التحلف هو “اتفاق مصالح مؤقت” قد يتغير بتبدل الظروف على الأرض، مستبعداً
أن يكون التفاهم القائم جسرا لدعم إيراني للعمال الكردستاني، باعتبار أن إيران تمتلك خيارات وبدائل اخرى نظرا لوجود الفصائل والحشد الموالي له في منطقة سنجار التي تستخدمها طهران كنقطة عبور للمقاتلين والأسلحة من والى سوريا وكمتنفس اقتصادي لفصائلها.
لكن في عين الوقت يلفت العابد الى صراع تركي إيراني بشأن سنجار، توظف طهران فيه حزب العمال ضد تركيا ومشاريعها في سنجار ونينوى التي بالمقابل لديها جيش محتشد على الحدود العراقية.
ويقوم بعمليات توغل داخل العراق بحجة محاربة العمال الكردستاني في حين تتطلع لتحقيق أهداف اقتصادية كبيرة عبر خططها للتواجد في سنجار وأجزاء من محافظة نينوى “وهذا يعني توظيف التدخل العسكري من أجل صفقات اقتصادية او تجارية”.
الحكومة الغائبة واللاعبون النافذون
في وقت يشدد في قادة اقليم كردستان ومسؤولون في الحكومة الاتحادية، على تطبيق اتفاقية سنجار كحل وحيد لتطبيع الاوضاع فيها واستتباب الأمن وبدء عمليات الاعمار وتقديم الخدمات بما يشجع النازحين على العودة، يرى باحثون ومراقبون للملف ان تطبيقه بصيغته المعلنة أمر صعب جداً.
ويقول الكاتب حيدر سلمان، بأن التحركات العسكرية ولجوء الجيش الى القوة للسيطرة على مناطق معينة وفرض رؤيتها، لن يحل مشكلة سنجار بل سيعقدها، مبينا أنه “لا خلاف على ضرورة إنهاء تواجد حزب العمال في المنطقة لمنع استخدام هذا الملف في الاعتداء على العراق، لكن من الأجدر التفاوض مع وحدات مقاومة سنجار، وكلهم مقاتلون محليون من اهالي سنجار، والتوصل الى تفاهمات مشتركة لفك ارتباطهم مع العمال وكسبهم بدل إستعدائهم”.
ويقول الناشط المهتم بأوضاع سنجار فلاح حسن أنه لا يمكن تنفيذ الاتفاقية في ظل ضعف الحكومة وسيطرة فصائل مسلحة على الدولة.
” الأمر لا يتعلق بحزب العمال فقط بل بموقف قوى متعددة وبمصالح اقليمية، وهنا فان عمليات الاعمار ستظل معطلة ومعها تقديم الخدمات من بلدية وتعليمية وصحية”.
ويرى حسن بأن تركيا مثلها مثل ايران تحاول جعل العراق ساحة خلفية لها، وفقاً لنص تعبيره، وبين “أنقرة مستمرة في تقوية جماعات على حساب أخرى ودعم أحزاب وشخصيات معينة في سبيل السيطرة على منطقة او محافظة بما يخدم مصالحها.
ويؤكد أن مشكلة سنجار هي “ربما مثال صغير على مشكلة العراق البلد المريض ككل، فمنذ 2003 لم تدر سنجار من قبل أهاليها إنما من قبل أطراف اخرى من خارجها”.
وعن الحل الممكن والذي قد يرضي غالبية السكان، يقول علي ابراهيم وهو شاب ينشط مع آخرين في حراك شبابي يضغط لفك الاشتباك بين القوى المتواجدة على الأرض وانهاء المظاهر المسلحة: “الغالبية ربما يؤيدون تحويل سنجار الى محافظة مستقلة مرتبطة بالمركز، وتعيين شخصية ادارية قوية غير حزبية، مدعومة بقوة أمنية من أبناء القضاء، تحقق التوازن وتوفر الحد الأدنى من الخدمات ومشاريع إعادة الإعمار”.
ويستدرك “لكن ذلك اشبه بالحلم في ظل حكومة ضعيفة وتدخلات اقليمية قوية، وترابط وتقاطع مصالح فصائل محلية يمكنها اشعال الأرض”.
*تحقيق خاص بـ”العالم الجديد” تم إنجازه بالتعاون مع مؤسسة نيريج للصحافة الاستقصائية
العالم الجديد – سامان داود/ ميسر الاداني
تقرير شامل شكرا لمعديه على الجهود المبذولة لاعداده بهذا الشكل الواضح الذي يستعرض فيه طبيعة المشاكل الناجمة من الصراعات السياسية والتدخلات الاقليمية والتواجد العسكري ـ الأمني .. والنتيجة هي هذا الوضع القلق وغير المستقر الذي يدفع ثمنه اهالي سنجار بالمزيد من المعاناة والخسائر في مخيمات الذل بين دهوك وسهل نينوى ..