.
أدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بسبب نقص الإمدادات وزيادة الطلب إلى حدوث احتجاجات في عدة دول نامية، وقد أسفر الغزو الروسي لأوكرانيا عن “زيادة الضغوط الحالية على الإمدادات العالمية من الحبوب واللحوم والمواد الغذائية الأخرى”، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال.
وفرضت الهند، السبت، حظرا نادرا على صادرات القمح، في محاولة منها لضبط ارتفاع الأسعار المحلية، وهي خطوة من المرجح أن تؤدي إلى تفاقم الضغوط العالمية. والهند هي ثاني أكبر دولة منتجة للقمح في العالم بعد الصين.
وفي أواخر أبريل الماضي، أوقفت إندونيسيا تصدير أنواع معينة من زيت النخيل، في محاولة لخفض أسعار زيت الطهي المرتفعة في الأسواق المحلية.
وساعد ارتفاع الأسعار في تأجيج الاضطرابات العنيفة التي أدت إلى استقالة رئيس وزراء سريلانكا في وقت سابق من هذا الأسبوع، وأثارت المزيد من الاحتجاجات السلمية في الشرق الأوسط.
وفي أجزاء من أفريقيا، نفد القمح من أصحاب المطاحن، ويحاول المستهلكون استبدال المواد الغذائية التي كانت تعتبر ذات يوم “أساسية”، ويستبدلونها بمنتجات أرخص.
وقالت مجموعة الدول السبع، السبت، في بيان، عقب اجتماع في شمال ألمانيا، إن الغزو الروسي لأوكرانيا “خلق واحدة من أخطر أزمات الغذاء والطاقة في التاريخ الحديث والتي تهدد الآن الفئات الأكثر ضعفا في جميع أنحاء العالم”.
وقال المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، ديفيد بيزلي، الخميس، إن العالم سيواجه نقصا واضحا في الغذاء في وقت مبكر من العام المقبل، إذا ظلت الموانئ البحرية الأوكرانية مغلقة من قبل روسيا.
وتصدر أوكرانيا غالبية إنتاجها من القمح والحبوب الأخرى عبر الموانئ الواقعة في المدن الجنوبية، والتي تطل على بحري آزوف والأسود، فيما تخضع عدة موانئ للسيطرة الروسية.
وكانت أسعار المواد الغذائية ترتفع منذ العام الماضي، متأثرة باضطرابات سلسلة التوريد العالمية الناتجة عن جائحة كورونا، وضعف المحاصيل في الولايات المتحدة وكندا ودول أخرى.
وبعد ذلك، أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى وقف كميات ضخمة من صادرات زيت دوار (عباد) الشمس والقمح والذرة، وعطل أيضا صادرات الأسمدة اللازمة لزيادة المحاصيل.
وتشكل أوكرانيا ما نسبته 10٪ من صادرات القمح العالمية، و14٪ من صادرات الذرة وما يقرب من نصف زيت عباد الشمس في العالم، وفقا لوزارة الزراعة الأميركية.
وفي مؤتمر بنيويورك، قال بيزلي إنه يجب إعادة فتح الموانئ الأوكرانية قبل موسم الحصاد، الذي يبدأ في منتصف يونيو المقبل، لمنع حدوث نقص في العام المقبل.
وقال في وقت سابق في وثيقة مكتوبة موجهة إلى مجلس الشيوخ الأميركي، إن حوالي 300 مليون شخص قد يواجهون “أزمة انعدام الأمن الغذائي الحاد في الأشهر المقبلة”.
وحتى في أغنى دول العالم، يتسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية في ضغوط على المستهلكين.
وتقول جمعية “ماتسنترالين” النرويجية الخيرية التابعة لبنك الطعام النرويجي إنها وزعت 28 في المئة من المواد الغذائية أكثر مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021، وهو العام الذي شهد في حد ذاته ارتفاعا حادا في الطلب نتيجة عمليات الإغلاق لمكافحة كورونا.
وارتفعت أسعار البقالة في الولايات المتحدة في أبريل بنسبة 10.8٪ خلال الاثني عشر شهرا الماضية، وهي أكبر زيادة سنوية منذ نوفمبر 1980، وفقا لوزارة العمل.
وتقنن محلات السوبر ماركت في المملكة المتحدة بيع زيت عباد الشمس. وأخبر جون آلان، رئيس شركة البقالة البريطانية العملاقة “تيسكو بي إل سي”، هيئة الإذاعة البريطانية هذا الأسبوع، أن البلاد تشهد “فقرا حقيقيا للغذاء” للمرة الأولى منذ جيل.
ولكن في أفقر دول العالم تظهر آثار الصراع الأوكراني على أسعار المواد الغذائية بشكل أكثر حدة، وفقا للصحيفة.
وذكرت الصحيفة أن بعض الدول في أفريقيا تعاني أيضا من الجفاف الذي ساهم في انخفاض المنتوج الزراعي، بالإضافة إلى موجات حر شديدة وقلة هطول الأمطار في الهند، مما أدى إلى خفض تقديرات إنتاج القمح بنسبة 6٪ تقريبا، بعد خمس سنوات من “الحصاد الوفير”.
وتعتبر الهند مورد أساسي للقمح لجيرانها. وتلقت أفغانستان مؤخرا شحنات كبيرة من القمح من الهند لأسباب إنسانية. وبنغلاديش هي مستورد كبير آخر للقمح الهندي. وفي غضون ذلك، ارتفعت الأسعار داخل البلاد، مما ساعد على فرض قيود التصدير يوم السبت. وقالت المديرية العامة للتجارة الخارجية الهندية: “الأمن الغذائي للهند والدول المجاورة والدول الضعيفة الأخرى في خطر”.
وأدى سوء الأحوال الجوية إلى تأخير الزراعة الربيعية في الأجزاء الرئيسية من المناطق الزراعية الأميركية، مما يهدد أيضا بخفض غلة المحاصيل.
وقالت وزارة الزراعة الأميركية، الخميس، إنها تتوقع انخفاض مخزونات القمح العالمية في موسم 2022-2023 بنسبة 5٪ إلى 267 مليون طن عن الموسم السابق، مسجلة أدنى مستوى لها في ست سنوات.
ولفتت الصحيفة إلى ارتفاع أسعار القمح والذرة وفول الصويا بالولايات المتحدة، وإلى انعكاس عمليات الإغلاق لمكافحة كورونا سلبا على عمليات الإنتاج الزراعي وسلاسل التوريد.
وفي غضون ذلك، خرجت في إيران احتجاجات خلال الأيام الماضية بعد الزيادات المفاجئة في أسعار المواد الغذائية مثل السكر وزيت الطهي.
وقالت الحكومة إنها ستلغي دعم القمح والدقيق للمخابز للحد من تهريب المواد الغذائية الرخيصة إلى خارج البلاد وتعزيز الأمن الغذائي. وألقى وزير الزراعة، سيد جواد ساداتي نجاد، باللوم جزئيا على حرب أوكرانيا في ارتفاع الأسعار.
وفي عدة دول أفريقية، تسبب الطقس القاسي في تعطيل المحاصيل المحلية. وكانت أسعار المواد الغذائية في القارة بالفعل عند أعلى مستوياتها في 10 سنوات قبل الغزو.
وتحاول حكومات الدول معالجة أزمة ارتفاع الأسعار. وتتجه مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، إلى بلدان مثل باراغواي والهند لتنويع وارداتها بعيدا عن أوكرانيا.
وتخصص جمهورية الكونغو الديمقراطية ملايين الدولارات لدعم المخابز في عملية التحول من الاعتماد على القمح إلى الدقيق المصنوع من “الكسافا”، وهو نبات ذو جذور نشوية متوفر بسهولة في جميع أنحاء البلاد.
ويحاول الفقراء في جميع أنحاء العالم، تقليل الاعتماد على المواد الغذائية الأساسية مثل اللحوم أو يستبدلونها ببدائل أرخص.
وفي البرازيل، زادت أسعار الجزر والطماطم بأكثر من الضعف عن هذا الوقت من العام الماضي، بينما ارتفعت تكلفة البن المحمص بنسبة 70٪ تقريبا.