، وداعا لعاشق البنفسج وليله، وداعا أبن الرافدين البار الإنسان والشاعر والمناضل….
اسندوه جنب نخلة من نخيل العراق
محمد الكحط – ستوكهولم-
وداعا مظفر النواب الذي ظَفـَرَ بحبِ وعشق الناس الأحرار، الذين وجدوا فيه وفي شعرهِ أنفسهم، وما أجملَ وما أبهى أن يحظى إنسان بمثل هذا الحب، وداعا يا من قضيت في الغربة دهرا، وداعا مظفر الذي تغنى بأشعاره الفلاحون البسطاء والكادحون والفنانون، منذ قصائده الأولى، فلا يكاد يخلو بيت عراقي أو حتى عربي ثوري من قصائده…أناشيده…بل بياناته التي غدت راية للأحرار. وداعا لمن شتم ولعن الحكام والأشرار، وداعا مظفر الإنسان والشاعر والمناضل الوطني والقومي والأممي.
مظفر ومهما أبتعد عن أرضه العراق، ظل يحن ويتشوق وكما يقول هو (نهنهني الشوق إلى بستان اللوزِ…)، ذلك البستان الجميل الكبير والذي للأسف غدا مسرحا للثعالب والذئاب الكاسرة والمتوحشة، مظفر الذي عشق البنفسج وليله وأحب الناس الذين كانوا مصدر إلهامه وقوته الإبداعية، بل والهواء الذي يتنفس، ولهذا تجد قصائده طريقها سهلا إليهم، كونها تتحسس معاناتهم التي تلمسها هو بمجاسته الدقيقة وروحه الرهيفة، والتي نادرا ما تخطئ، هذه روحه التي هيَّ (كما الإسفنجة تمتصُ الحانات ولا تسكر…)، روحه المتعلقة هناك بذلك الوادي، بتلك الأرض، بذلك النخيل الشامخ، ذلك النخيل وحده القادر ((أن يسند ظهره…))، هناك تجد روح مظفر هذا الإنسان الوديع الراحة والطمأنينة.
كان مظفر أينما حلَّ يلتم حوله وحول قصائده العراقيون المشتتون في كل بقاع الأرض، فأنهم يجدون الدفء في كلماته التي تلهبهم، فكانوا يتجمعون حوله كما يجتمع أطفال بلادي الفقراء حول موقدٍ في شتاءٍ قارس.
الكلام كثير وذو شجون والكلمات تقف خرساء أمام فقدان صاحب الكلمات، هذا الذي تمتد قصائده من أقصى شمال بلادي حيث جبال كردستان ووديانها حتى جنوبها حيث الأهوار وشعابها، إلى بلاد فارس والسند والهند وأفريقيا، من المحيط إلى الخليج، إلى العالم كله.
لروح مظفر النواب السلام والراحة والطمأنينة، ونضع الزهور الحمراء القانية جنب مرقده، ارقد بسلام أيها الشاعر الكبير أيها الشيخ الجليل يا أبن الرافدين البار.
لكل المجد والخلود يا مظفر النواب….ستظل ذكراك خالدة للأبد.