في الوقت الذي لا يزال فيه العالم يعاني من آثار فيروس كورونا منذ سنوات، يبدو أن هناك فيروساً آخر في طريقه لأن يصبح الجائحة التالية، وهو جدري القرود.
ما هو فيروس جدري القرود؟
فيروس جدري القرود هو عضو من عائلة الفيروسات نفسها مثل الجدري المائي المعروف، ورغم اسمه فإن فيروس جدري القرود لم يعد يأتي من القرود.
العلماء غير متأكدين بعد، فوفقاً لموقع Cleveland Clinic الطبي الأمريكي، يُعتقد أنه ينتشر عن طريق القوارض الصغيرة والسناجب في الغابات المطيرة بإفريقيا.
وتحدث الإصابة بسبب مخالطة مباشرة لدماء الحيوانات المصابة بعدواه أو لسوائل أجسامها أو آفاتها الجلدية أو سوائلها المخاطية.
ومن المحتمل أن يكون تناول اللحوم غير المطهوة جيداً من الحيوانات المصابة بعدوى المرض، عاملاً خطراً يرتبط بالإصابة بجدري القردة.
بدأ فيروس جدري القرود بالانتشار حول العالم عن طريق الاتصال الوثيق والمطول مع الشخص المصاب، وفقاً لما أكدته منظمة الصحة العالمية.
بحسب الطبيب روزاموند لويس، رئيس أمانة برنامج الطوارئ لفيروس الجدري التابع لمنظمة الصحة العالمية، فإن “البلدان التي تبلِّغ عن جدري القرود الآن هي البلدان التي لا يوجد فيها عادةً تفشٍّ لمرض جدري القردة”.
وأضاف وفقاً لشبكة CNN الأمريكية: “لا نريد أن يقلق الناس، أرقام الإصابات لا تزال صغيرة؛ نريد الناس أن يكونوا على دراية بالأعراض، وإذا كانت لديهم أي مخاوف عليهم أن يتواصلوا مع طبيبهم”.
أعراض جدري القرود
وقال مركز السيطرة على الأمراض إنه عادةً ما تكون الأعراض الأولية شبيهة بالأنفلونزا، مثل الحمى والقشعريرة والإرهاق والصداع وضعف العضلات، يليها تورم في الغدد الليمفاوية، مما يساعد الجسم على مكافحة العدوى والمرض.
وأضاف المركز: “إن السمة التي تميز الإصابة بجدري القرود عن تلك الخاصة بالجدري العادي، هي تطور الغدد الليمفاوية المتضخمة، ويأتي بعد ذلك طفح جلدي واسع الانتشار على الوجه والجسم، بما في ذلك داخل الفم وعلى راحتي اليدين وباطن القدمين”.
تكون فقاعات جدري القرود مؤلمة ومرتفعة للأعلى بشكل أكبر ومليئة بالسوائل، وغالباً ما تكون محاطة بدوائر حمراء، ولكنها في نهاية المطاف تتقشر وتختفي خلال فترة تتراوح بين أسبوعين و3 أسابيع.
في حين تقول صحيفة The Guardian البريطانية، إن العدوى بمرض جدري القرود عادةً ما تزول من تلقاء نفسها، بعد أن تستمر لفترة تتراوح بين 14 و21 يوماً تقريباً.
كم مدة حضانة فيروس جدري القرود؟
بحسب موقع منظمة الصحة العالمية، يشير الباحثون إلى تقسيم مرحلة الإصابة بجدري القرود إلى فترتين اثنتين وهما:
الفترة الأولى: هي فترة الغزو (صفر يوم و5 أيام)، ومن علاماتها الإصابة بحمى وصداع مبرح وتضخم العقد اللمفاوية والشعور بآلام في الظهر والعضلات وضعف شديد (فقدان الطاقة).
الفترة الثانية: يظهر الطفح الجلدي (في غضون مدة تتراوح بين يوم واحد و3 أيام عقب الإصابة بالحمى)، وتتبلور مختلف مراحل ظهور الطفح الذي يبدأ على الوجه في أغلب الأحيان ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.
ويكون وقع الطفح أشد ما يكون على الوجه (في 95%من الحالات)، وعلى راحتَي اليدين وأخمصَي القدمين (75%).
ويتطور الطفح في نحو 10 أيام إلى حويصلات مملوءة بسوائل وبثرات قد يلزمها أسابيع لكي تختفي تماماً.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يتوطن جدرى القرود بالقرب من الغابات الاستوائية المطيرة في وسط وغرب إفريقيا، لكنه شوهد بشكل متزايد بالقرب من المناطق الحضرية.
روزاموند لويس أوضح أن هذا المرض الناشئ ظهر منذ 20 إلى 30 عاماً، لذلك ليس معروفاً بشكل جيد، لكن الخطر على عامة الناس منخفض، لأننا نعلم أن طرق الانتقال الرئيسية كانت على النحو الموصوف في الماضي.
وقد حصل جدري القرود على اسمه في عام 1958 عندما “حدث تفشيان لمرض شبيه بالجدري في مستعمرات من القردة التي تم الاحتفاظ بها للبحث”.
تم تشخيص الحالة الأولى لمرض جدري القرود بالولايات المتحدة، عام 2022، لدى مريض دخل المستشفى في ماساتشوستس سافر مؤخراً إلى كندا في وسائل النقل الخاصة.
في عام 2021، تم تشخيص إصابة شخصين مسافرين من نيجيريا إلى الولايات المتحدة بالمرض، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
أما أول حالة معروفة لجدري القرود لدى البشر فسُجلت في عام 1970 بجمهورية الكونغو الديمقراطية خلال فترة من الجهود المكثفة للقضاء على الجدري المائي.
منذ ذلك الحين، تركزت معظم الحالات في 11 دولة إفريقية، مع تفشي العديد من الأمراض في الولايات المتحدة وأوروبا المتعلقة بالسفر أو الاستيراد من البلدان الموبوءة.
وتبعتها موجة أخرى في عام 2003 عندما أصيب 47 شخصاً في الولايات المتحدة الأمريكية بجدري القرود في 6 ولايات هي: “إلينوي وإنديانا وكانساس وميسوري وأوهايو وويسكونسن”، أما السبب فكان اتصالهم بكلابهم الأليفة.
الوقاية من فيروس جدري القرود
يمكن أن يوفر لقاح الجدري المُعتمد عالمياً حماية كبيرة من جدري القرود، لكن استخدامه يقتصر حالياً على الأشخاص الذين يعملون في المختبر مع فيروسات الجدري.
وتعتمد الوقاية بشكل أساسي على تقليل الاتصال البشري بالحيوانات المصابة، والحد من انتشار المرض من شخص لآخر.
ويمكنك منع فيروس جدري القرود من خلال الخطوات التالية، بحسب موقع Healthline الطبي الأمريكي للصحة:
تجنَّب ملامسة الحيوانات المصابة أو الضالة والبرية للوقاية.
تجنَّب ملامسة الأسطح والأدوات الملوثة بالفيروس.
غسل اليدين بالماء والصابون بعد ملامسة الحيوانات.
طهي جميع الأطعمة التي تحتوي على لحوم حيوانية أو أجزاء منها جيداً، وعلى درجات حرارة كافية لقتل الجراثيم والميكروبات والفيروسات المختلفة.
معرفة الأعراض والانتباه إليها جيداً عند الظهور عليك أو أحد معارفك، وعزل نفسك لحماية الآخرين من مخاطر العدوى.