في ظل تنامي مشكلة الاحتباس الحراري والتغير المناخي العالمية، إضافة إلى تداعيات دولية في أزمة الغذاء نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا، بات من الضروري البحث عن بدائل محتملة للعديد من العناصر الغذائية المهمة التي قد لا نتمكن من مواصلة الاعتماد عليها خلال الأعوام – أو حتى العقود المقبلة، خاصة بحلول عام 2050.
ضرورة إيجاد بدائل قبل فوات الأوان
تكمُن الخطوة الأولى للتعامل مع تلك المشكلة في تنويع الطعام الذي يستهلكه الإنسان، ومعالجة فقدان التنوع البيولوجي، والمساعدة في التكيف مع تغير المناخ.
إذ إن هناك الآلاف من أنواع النباتات والثمار الصالحة للأكل في جميع أنحاء العالم، والتي قد تمكننا من مواجهة التحديات العالمية في المستقبل.
وبحسب سام برينون، الباحث البريطاني بمؤسسة الحدائق الملكية، في تصريحات له لموقع BBC، فإنه من بين أكثر من 7000 نبتة صالحة للأكل في جميع أنحاء العالم، هناك 417 نباتاً فقط مُستخدمة على نطاق واسع في الغذاء العالمي. كما يعتمد البشر في الحصول على 90% من السعرات الحرارية اليومية لهم على 15 محصولاً فقط تقريباً.
لذلك عملت الأبحاث في مجالات التغذية على التوصل للعديد من العناصر البديلة التي قد تُستخدم كأطعمة أساسية خلال العقود المقبلة للتصدي للأزمات العالمية المختلفة فيما يتعلق بالغذاء مقابل تنامي التعداد السكاني المستمر الذي يتوقع أن يكسر حاجز 10 مليارات نسمة بحلول عام 2050.
1- قناديل البحر
يمكن أن يصبح لحم قنديل البحر أمراً معتاداً خلال العقود المقبلة في قوائم الطعام. فقناديل البحر الطازجة منخفضة السعرات الحرارية والدهون، ولكنها غنية بالبروتينات ومضادات الأكسدة.
كما أن لها نكهة لذيذة ومالحة وقواماً مطاطياً قليلاً؛ لذلك عندما تجف، يبدو قنديل البحر صلباً، ولكنه يعطي ملمساً ناعماً على اللسان، مما يجعله بديلاً رائعاً عن رقائق البطاطس أو إضافة تستدعي المضغ في الوجبات، ويوجد حوالي 25 نوعاً من قناديل البحر الصالحة للأكل حول العالم، ويتم استهلاك معظمها بالفعل في الدول الآسيوية مثل تايلاند وماليزيا واليابان.
2- الأعشاب البحرية
نظراً إلى أن أكثر من ثلث تربة العالم متدهورة بشكل إما متوسط أو مرتفع، صار من الضروري أن يتوجه الناس إلى النباتات البحرية كمصدر مهم للغذاء.
الأعشاب البحرية هي نوع من الطحالب التي تنمو عادة على طول الشواطئ الصخرية حول العالم. وهناك حوالي 10.000 نوع مختلف من الأعشاب البحرية المعروفة الصالحة للأكل التي قد تكون هي البديل الغذائي الأهم بحلول 2050.
ويقدم هذا النبات متعدد الاستخدامات مجموعة من النكهات والقوام الذي يستخدم في مجموعة متنوعة من الأطباق، بما في ذلك الحساء واليخنات والسلطات والكعك والعصائر.
وبحسب موقع Natural History Museum للتاريخ الطبيعي ببريطانيا، فإن أكثر الأعشاب البحرية شهرة اليوم هو النوري- وهي أوراق رقيقة مجففة يتم استخدامها في لفائف السوشي- وكذلك دولسي، وهو بديل طري ومطاطي عن رقائق البطاطس.
لكن الأهم هو أن الأعشاب البحرية توفر العديد من الفوائد الصحية؛ إذ تحتوي على اليود والتيروزين (الذي يدعم وظيفة الغدة الدرقية) والألياف (التي تعزز صحة الأمعاء) والعديد من الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة.
3- اللحوم المزروعة في المختبرات
يوضح موقع Prescouter العلمي للأبحاث أن اللحوم المزروعة بالخلايا هي اللحوم المُعدة في المعامل من خلية حيوانية، والتي تتم تغذيتها بالعناصر الغذائية ومكونات عامل النمو لمساعدتها على التطور إلى قطعة من اللحم على مدى عدة أسابيع.
ويمكن طهي اللحوم المزروعة بنفس طريقة طهي اللحوم التقليدية، بما في ذلك الشوي والقلي. كما أنها تتشابه مع اللحم الطبيعي في المظهر والطعمه والرائحة والقوام، وتُقدِّم نفس القدر من العناصر الغذائية.
وبالرغم من أنه لم يتم توفير اللحوم المستزرعة في الأسواق الرئيسية بعد حتى اليوم، ولكن هناك حوالي 50 شركة ناشئة في مجال اللحوم المستزرعة حول العالم، وقد نجح العديد منها بالفعل في تطوير لحوم البقر والدجاج والأسماك في المختبر.
ونظراً إلى أن الزراعة التقليدية هي أحد الأسباب الرئيسية لتغير المناخ، فإن اللحوم النظيفة والموفرة للطاقة يمكن أن تساعد في إطعام عدد متزايد من سكان العالم مع توفير الأثر البيئي السلبي لتربية المواشي التي تساهم في تفاقم أزمة التغيُّر المناخي.
4- الموز الكاذب وأوراق الشجر
الإنست أو “الموز الكاذب” هو أحد أقارب فصيلة الموز التي نعرفها، ولكن هذا النوع يُستهلك فقط في جزء واحد من إثيوبيا.
تُعد تلك الفاكهة الشبيهة بالموز غير صالحة للأكل، ولكن يمكن تخمير السيقان والجذور النشوية واستخدامها لصنع العصيدة والخبز.
وتشير الدراسات إلى أن المحصول الشبيه بالموز لديه القدرة على إطعام أكثر من 100 مليون شخص في عالم يزداد احتراراً وتضرراً بالأزمة المناخية.
كذلك شجرة البندانوس (Pandanus tectorius) هي نبات صغير ينمو اليوم في المناطق الساحلية من جزر المحيط الهادئ إلى الفلبين، ويمكن استزراعه. تُستخدم الأوراق في الأطباق الحلوة والمالحة في معظم أنحاء جنوب شرق آسيا، بينما يمكن تناول الفاكهة التي تشبه الأناناس نيئة أو مطبوخة؛ ما يجعلها خياراً عملياً كمصدر من مصادر الغذاء.
إذ يمكن للشجرة أن تتحمل الظروف المناخية الصعبة، بما في ذلك الجفاف والرياح القوية ورذاذ الملح، بحسب موقع BBC. ما يجعلها خياراً مثالياً لأزمة الغذاء العالمية بحلول 2050.
5- الحشرات
بعيداً عن إحساسك بالقشعريرة من تلك الفكرة، فإن الحشرات غنية بالبروتينات والألياف والمعادن والفيتامينات، ويتم أكلها بشكل أو بآخر في جميع أنحاء العالم.
مثلاً، يتم بيع الصراصير المقلية من قِبل الباعة الجائلين في تايلاند، ويتم تقديم ديدان ماغوي المحمصة في خبز التورتيلا الدافئ مع الليمون والفلفل الحار والملح في المكسيك، وتُقديم اليرقات الملونة كبديل للحوم في الحساء واليخنات في زيمبابوي.
لذلك يمكن أن تتنافس تربية الحشرات يوماً ما مع الزراعة الحيوانية؛ لأنها تتطلب قدراً أقل من الأراضي والمياه والطاقة، كما أنها تنبعث منها غازات دفيئة أقل، وبالتالي لا تؤذي النظام البيئي مثل تربية المواشي.
يمكن أن يساعدنا هذا أيضاً في تقليل نفايات الطعام لدينا بحلول عام 2050؛ حيث يمكن أن تتغذى الحشرات على الفواكه والخضراوات غير المرغوب فيها التي يتم التخلص منها.
وبحسب موقع World Resource Institute لمصادر الغذاء، تعد مزارع الحشرات حلاً للمناطق ذات الدخل المنخفض وكذلك المناطق الحضرية ذات المساحات الصغيرة.
وقد تسللت الحشرات بالفعل إلى صناعة الأغذية الغربية كمصدر بديل ومستدام للبروتين. وقد يجد صانعو الطعام طرقاً ذكية للتغلب على أي اشمئزاز محتمل لدى المستهلك عن طريق طحن الحشرات إلى دقيق أو معجون لاستخدامه في الطهي، أو بيعه كوجبات خفيفة.
ومع وجود أكثر من 1900 حشرة صالحة للأكل، يمكن أن يصبح تناول الوجبات الخفيفة على الدبابير والجنادب أمراً شائعاً قريباً، وحتى قد تصبح وجبتك المفضلة خلال سنوات.. مَن يدري!