تعتبر شريحة المتقاعدين في كثير من الدول من ألشرائح المهمة بالمجتمع لما لهذه الفئة من الناس من خبرة حياتية ومهنية كبيرة أكتسبوها طيلة حياتهم الطويلة ولهذا تسعى الكثير من هذه الدول في الأستفادة منهم بأشكال مختلفة لأسباب متعددة منها ،الأستفادة من خبراتهم المهنية،تقليل الصرف المادي على بعض المهام التي من الممكن أن يقوم بها هؤلاء،أشعار الجميع سواء هذه الفئة من الناس (المتقاعدين )أو عموم المجتمع بأهمية هذه الفئة حتى وأن تجاوزوا السن القانوني للعمل .
وللدلالة على كلامي أطرح هذين التجربتين اللتين عايشتهما ولازلت على صعيد عملي المهني .
–عندما كنت أعمل بسلك التعليم كانت لدينا متطوعات (العمل دون مقابل مادي) متقاعدات عملن سابقأ بقضايا التعليم يأتين الى المدرسة في أحد الأيام وأحيانا أكثر من يوم مهمتهن كانت هي مساعدة الطلبة في عمل الواجبات المنزلية حيث الكثير منهم يجد صعوبة بمساعدة أهله له بالبيت لأسباب مختلفة أو لا يجد الشكل المناسب لعمل هذه الواجبات بالبيت .طبعأ كان هذا يجري بعد الحصة الأخيرة للطلبة وبالتالي لايتعارض هذا العطاء مع دروسهم اليومية ولا أريد أن أطيل بأهمية هذه القضية للطلبة والمدرسة والأهل وبالتالي المجتمع بشكل عام.
–المؤسسة التي أعمل بها الأن (مؤسسة خيرية) والقسم الذي أعمل فيه مسؤول عن تقديم خدمات للمهاجرين من دول الأتحاد الأوربي ،نحن فقط تسعة موظفين (المديرة ونائبتها ونحن السبعة الباقين) لدينا أحد عشر متطوعأ جميعهم متقاعدون وأحدهم دكتورة.هؤلاء جميعأ كانوا أصحاب مهن مختلفة ويدفعهم فقط هوأهمية مساعدة الأخرين وأعطاء قيمة جديدة لحياتهم بعد التقاعد وتقليل معاناة المهاجرين قبل الأندماج بالمجتمع .كل هؤلأء أقول دون مبالغة أن لم يكونوا معنا بهذه المؤسسة لن تستطيع المؤسسة تقديم نصف عطائها اليومي لأن هؤلاء أبناء المجتمع السويدي وهم أدرى بالكثير من خفايا حياة هذا المجتمع أكثر منا رغم معيشتنا هنا لفترة طويلة أضافة الى أن التواصل مع المؤسسات الرسمية السويدية من قبلهم يعطي نتائج أفضل من تواصل المواطنين السويديين ذوي الأصول الجنبية.
*هذا العطاء لهذه الفئة المهمة بالمجتمع لاتأتي هبة من السماء دون الركائز المهمة التالية:
1-ثقافة ووعي هؤلاء الناس بأهمية وجودهم بالمجتمع حتى بعد التقاعد وكونهم عنصر مهم وفعال فيه رغم عدم قدرتهم الحالية على العطاء مثل السابق .
2-أحترام المجتمع لهذه الفئة واعطائها دورأ حيويأ بحياة المجتمع اليومية ومحاولة أشراكهم بالكثير من القضايا التي تهم المجتمع وليس بالعمل المهني فقط مثل السابق.
3-الثقافة العامة التي يزرعها الجميع سواء كانت الدولة ومؤسساتها أو الأحزاب أو الجمعيات والمنظمات المختلفة بأهمية مشاركة الجميع في بناء وتطور المجتمع كل حسب أمكانياته ودوره ومسؤوليته.
*من كل ما تقدم أصل الى أن المجتمعات وتطورها لا تأتي من عمل جزء معين من المجتمع ولا بالمال وحده ،بل من تعاون جميع أبناءه واحترام دور كل فرد فيه ومحاولة أستغلال جهود الجميع بعد دراسة أمكانية هذه الطاقات التي تختزنها كل فئة من فئات المجتمع .هذه الروحية التي يجب أن تضطلع بها جميع القوى الفاعلة بالمجتمع سواء كانت الحكومة ومؤسساتها المختلفة أو الأحزاب أو المنظمات كفيلة بزرع قيم جديدة بمجتمعنا تعاكس الروح السائدة بالوقت الحاضر (روحية شعليه)رغم وجود تجارب بسيطة أيجابية ولكنها محدودة جدأ.
*ويبقى السؤال الأهم هل نرى حملات توعية تساعد على تنمية الروح الوطنية بالمجتمع وأهمية دور كل فرد فيه وجعل الجميع يشتركون ببناء هذا المجتمع دون الأعتماد على فئة محدودة فقط (السياسيين)وتكون هذه الحملة التوعوية مقرونة بأمثلة واقعية وليست كلام فقط لتسهل للناس أيجاد الطريق المناسب لهذا الهدف وهو الذي تسعى أليه جميع القوى الخيرة بالمجتمع ولكنها للأسف تعمل فقط على النطاق السياسي وتترك الكثير من الطرق الأخرى المؤدية كذلك للوصول لبلد الأخاء والمواطنة الكريمة للجميع.