الجمعة, نوفمبر 29, 2024
Homeمقالاتمشكلة الإضرابات العمالية والبرنامج النووي الإيراني : مصطفى محمد غريب  

مشكلة الإضرابات العمالية والبرنامج النووي الإيراني : مصطفى محمد غريب  

الإضرابات العمالية عبارة عن انذار جديد يضاف الى إنذارات المظاهرات والاحتجاجات السابقة من قبل وبعد عام 2009 حول الانتخابات ، هذه الإضرابات في قطاع النفط والبتروكيمياويات الإيراني حسبما نشر في “ميل است نيوز” امتدت نحو 50 شركة عاملة في القطاعات النفطية والبتروكيمياوية في 7 محافظات إيرانية في هذه الظروف الحساسة التي تمر بها إيران والمنطقة دليل على الأوضاع المأساوية التي تلحق الأذى بالشعب الإيراني وبخاصة الطبقات والفئات الكادحة، لم تكن هذه اول مرة لإضرابات عمالية طالبت بالحقوق الممكنة للعمال ومنها الأجور وقضايا التقاعد والحقوق النقابية وتحسين أماكن العمل وغيرها من الحقوق وفي كل مرة كانت هذه الإضرابات والاحتجاجات تجابه من قبل قوات الأمن والمؤسسة الأمنية بالقهر والاعتداءات والاعتقالات والسجن حيث تخلط هذه المطالب بتوجيهات حول اعداء الثورة أو التجسس لصالح الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن الحقيقة تكشف المستور ومحاولات طمس الواقع المُر للعمال وعندما تمتد الإضرابات الى عدة مناطق أو قطاعات أو شركات فذلك دليل على وجود تجاوز حقيقي على الحقوق وتضع على عاتق  شماعة الحصار والخلافات مع الولايات المتحدة الامريكية بينما والحقيقة تقال إن ذلك بعيد عن هذا المفهوم الضيق الدعائي، لكن في الوقت نفسه له ارتباطات بسياسة خلق المشاكل والصعوبات مع المجتمع الدولي وتأثيرات السياسة الإيرانية في جانب حسن العلاقات والانتقال لحل المشاكل لصالح ليس العمال الإيرانيين فحسب بل أكثرية الشعب الإيراني.

إضراب العمال في القطاع النفطي اتسعت يوماً بعد يوم وانتقلت الى العديد من المؤسسات والشركات الخاصة ومؤسسات الدولة حسبما اشارت وكالات الانباء وفي مقدمتها ميدل ايست نيوز، الفقر وسوء الأحوال المعاشية وزيادة العاطلين عن العمل في ظل حكومة مفلسة تقريباً سياستها سلب حقوق العمال والكادحين وفي مقدمتها عدم دفع أجور العمال عدة شهور مما يدفع آلاف العمال للاحتجاج من أجل الحصول على اجورهم التي لم تدفع لهم والمطالبة بتحسين ظروفهم الاقتصادية وإيجاد توازن حقيقي بين ارتفاع الأسعار وبين مصاريفهم ودخولهم المتدنية وكذلك شروط العمل من بينها الصيانة المهنية واوقات العمل والمخاطر الناجمة عن القطاع النفطي بما فيها التسريح عن العمل “في بعض المصافي والمؤسسات النفطية ” او إنهاء عقودهم . هذه المشاكل المتراكمة والاحوال المعيشية الصعبة دفعت قطاعات واسعة من الطبقة العاملة الى الاحتجاج والاضرابات ومن سير الأحداث يلاحظ المتتبعين أن وزارة النفط الإيرانية غير آبههَ ولا معنية وظهر هذا الامر من خلال قول كسرى نوري المدير العام للعلاقات العامة في وزارة النفط الإيرانية “هذه الشركات تابعة للقطاع الخاص ولا علاقة لوزارة النفط بها” وهو يخص تلك الشركات التي قامت فيها الإضرابات والاحتجاجات وكأنها تعمل خارج إيران ولا يوجد رقيب أو حسيب عليها لا من الحكومة أو الوزارة وهو أمر مستغرب جداً فمظاهرة صغيرة تطالب بالحريات توجه لها قوات الأمن الإيرانية فتقوم بما لا يرضي الضمير من اعتداء وضرب واعتقال لمئات العمال الإيرانيين الذي يطالبون بحقوقهم من هذه الشركات بينما الحكومة ووزارة النفط بالذات تغلق آذانها عن هذه المطالب المشروعة وتعتبرها خارج النطاق القانوني والحكومي في إيران. وكشف زيف هذه الادعاءات علي خدايي ممثل العمال في المجلس الأعلى للعمل قوله ” إن هذه الإضرابات لعمال المقاولين الذين يعملون مع وزارة النفط والوزارة يجب ان تتحمل المسؤولية ” أي لا تتهرب الوزارة من خلال تصريح مدير العلاقات كسرى نوري تحت ظل هذه الحجة البائسة هذه الإضرابات والاحتجاجات الواسعة من قبل الجماهير الإيرانية وتدني المستوى المعيشي والأزمات المتلاحقة تتزامن مع الحظر الأمريكي منذ عام 2018 عقب انسحاب الولايات المتحدة الامريكية في عهد رئيس الجمهورية السابق من الاتفاق النووي الذي وقعته إيران  عام 2015 ، ونال القطاع النفطي الإيراني نصيب كبير من التأخير والانحسار الذي يعتبر الشريان المهم والحيوي للاقتصاد الوطني بشكل عام وبخاصة بعد تجميد العلاقة والانسحاب من الاتفاقية النووية حيث بدأ التدهور يتزايد ويتزامن مع السياسة الإرهابية والتجاوز على حقوق الجماهير الكادحة الإيرانية وفي مقدمتها الطبقة العاملة الايرانية ، ولهذا أشار الكثير من ممثلي الطبقة العاملة الإيرانية والباحثين في أوضاع إيران الاقتصادية الى أن تطبيع ” العلاقات مع إيران والمجموعة الدولية كان مهماً بالنسبة لإيران والوضع الاقتصادي ” وبالنسبة للعلاقة بالتجارة مع الدول والعلاقات المالية وقضايا التعليم والخدمات ، وليس هذا فحسب فإن إدراك العالم يؤكد أن الاحتجاجات الجماهيرية الواسعة التي حدثت كونت فيها الطبقة العاملة الإيرانية جانب رئيسي ومهم بسبب البطالة التي ضربت اطنابها في كافة المجالات الإنتاجية والصناعية وسبب مهم آخر الارتفاع المطرد في كلفة المعيشة وارتفاع نسبة الفقر وضعف الأجور فالاحتجاجات التي حدثت  طوال فترات احمد نجاد ومن بعده روحاني وحسب رأي الكثير من الخبراء والمتابعين لأوضاع إيران عبارة عن مشاركة العمال الإيرانيين وجميعها تقترب من التشابه غير القليل مع “اضطرابات  الخبز ” اثناء الانكماش الاقتصادي في المرحلة الثانية لرئاسة احمد نجاد إلا أن من المؤسف  أن الشعارات والهتافات أبعدت عن الاحتجاجات ولم تتزاوج مع القضايا المطلبية حينذاك فقد كانت تلك الاحتجاجات والطبقة العاملة سوادها تقريباً ركزت على المطلبية والحقوق المدنية وحرمانها من اختيار مرشحها في الانتخابات بسبب التزوير والتجاوز والهيمنة، ويبدو أنه قد غاب عن بال البعض وبخاصة الحكومات المتعاقبة على السلطة في إيران وعن بال المرشد الأعلى ان أكثرية الشعب الإيراني يعرف جيداً مصالحه الحقيقية، والطبقة العاملة الإيرانية تعرف الإمكانيات الهائلة التي تمتلكها وهي التي ساهمت في بناء الاقتصاد المتنوع وهو السند الأساسي في النضال المستقبلي والتدرج في ربط القضايا السياسية بالقضايا المطلبية.

أن المشكلة الأساسية التي تجابه جميع الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلاقات الدولية تكمن في التعنت الإيراني على استمراره في برنامجه النووي والنية  في الحصول على السلاح النووي وأن يجري التنكر باعتباره حرام في الدين الاسلامي على حد تصريحات المسؤولين الإيرانيين في الدولة، ثم التدخل في شؤون الدول الداخلية  وتقديم السلاح وفي مقدمتها الصواريخ المختلفة والمُسيرات الطائرة التي بدأت تنتجها وتبعثها لأنصارها من احزاب وتجمعات وميليشيات  في ترهيب دول وشعوب المنطقة  والمواجهة مع الولايات المتحدة الامريكية وهي معروفة في وقائعها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان ، هذه القضايا وقضايا أخرى تعيق تطور الأوضاع وحل مشاكل الجماهير المعيشية ، ومنذ أن أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي 2018 وفرض العقوبات  من جانب واحد والأمور تسير من سيء الى أسوأ وبمجرد فوز جو بايدن خلفاً لترامب تحلحلت الأمور نحو إعادة الحوار حول اتفاقية حول البرنامج النووي الإيراني من أجل رفع العقوبات المفروضة على ايران وبخاصة تأكيد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ان ” بلاده مستعدة لتنفيذ التزاماتها في الاتفاق النووي إذا رفعت واشنطن العقوبات وتم التحقق من ذلك”  وبهذا صرح جان ايف لودريان مع نظيره الأمريكي انتوني بلينكن في مؤتمر صحفي “ننتظر من السلطات الإيرانية أن تتخذ القرارات الأخيرة، وهي على الأرجح صعبة، التي ستسمح باختتام” المفاوضات الجارية في فيينا لإحياء الاتفاق حول الملف النووي الإيراني”

إلا ان المفاوضات في فيينا مع الجانب الإيراني تبدو أنها تواجه صعوبات كثيرة وبخاصة إلزام إيران عدم امتلاكها أسلحة نووية وتقليص برنامجها النووي مع رقابة من قبل الأمم المتحدة ووكالة الطاقة العالمية والتصريحات المتضاربة مما يقلق العالم حول المصير من قضية اندلاع حرب في المنطقة التي عانت من الحروب السابقة، وظهر وجود الاختلافات العديدة فيما يخص الاتفاق والتنفيذ من كلا الجانبين الإيراني والامريكي ، ومن هذا المنطلق أكدت إيران أنها لن تعود إلى التزاماتها بموجب الاتفاق النووي إلا بعد رفع العقوبات الامريكية عنها ، بينما الجانب الأمريكي يصر على قضية أن تلتزم إيران قبل أي اتفاق لأنها لا تثق بالقيادة الإيرانية وأشار وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن ” إنه لم يتم التوصل بعد إلى اتفاق مع إيران بشأن ملفها النووي، وإن المحادثات لن تستمر للأبد، وإن الأولوية الفورية هي وضع الاتفاق النووي في مساره مجددا، مضيفا أن بلاده وحلفاءها ستكون لديهم أيضا الأدوات اللازمة في حال التوصل إلى اتفاق لمواجهة أنشطة إيران الصاروخية والإقليمية.”

ان الفشل في التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي سيؤدي الى مخاطر حقيقية بما فيها قيام الحرب بين إسرائيل والولايات المتحدة مع ايران وبهذا ستكون المنطقة في حالة يرثى لها ولن تسلم من شرارتها اي جهة وهذا يظهر من تصريحات إسرائيلية جديدة حول وجود خطة جاهزة ” لضرب نووي إيران ” اذا أصرت إيران على عدم تجديد الاتفاق الفني مع “الوكالة الدولية للطاقة النووية ” واعلن عن وجود” خطط عسكرية تفصيلية لضرب المفاعلات النووية الإيرانية”  بالتأكيد أن حالة التلاعب بالألفاظ والحديث عن تفاؤل مضغوط ستكون تداعياته خطيرة جداً ومن الحرص أن ننبه إيران وشعبها الصديق عن مخاطر هذه التوجهات العدوانية الإسرائيلية والأمريكية من أجل ابعاد الشعب الإيراني الصديق عن آتون حرب لا يمكن أن تعرف نتائجها أو تحصى كوارثها ولهذا يجب التوجه لحل هذه المشكلة من أجل صالح الشعب الإيراني وجميع الشعوب في المنطقة وعدم الدخول في حرب طويلة أو قصيرة لأن نتائج الحرب العراقية الإيرانية مازال البلدان يعانيان منها لحد الوقت الحاضر .

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular