مسلسل الدمار والقتل مازال مستمر في بلد دجلة والفرات ، وكل قصة من قصص العراقيين ما بعد 2003 تجاوزات قصص الف ليلة وليلة في عددها ، وما زالت قابلة للزيادة ، الا اذا تغيرت القصة بأكملها .
ما حدث في مدينة الناصرية يوم امس امر ليس مستغربا او عجيبا ، وهو لن يكون الاخير من نوعه وليس الاول من حيث بشاعة الامر وعدد ضحاياها ، وكل اجراءات الحكومة اجراءات كلاسيكية ، ولا تعالج اصل المشكلة ، والاصح احد مشاكلنا المتفاقمة المتراكمة منذ 2003 وليومنا هذا في عهد حكم المحاصصة من اجراء تحقيق او سحب يده ، ثم فرض عقوبات ومحاسب المقصر ، لان المقصر الحقيقي ليس مدير مستشفى او مدير عام صحة الناصرية او مسؤول الشعبة او الوحدة المسؤول عن امر الحرائق او الصيانة او الامن، وهذا لا يعني اسقاط التهم عنهم جميعا في التقصير او المتابعة ، بل الجميع يجب التحقيق معهم لتحديد المسؤول عن هذه الفاجعة ، لكن علينا اولا قبل ذلك محاسب من وضع حجر اساس النظام الجديد .
قوة اي النظام في كل دول العالم مهما اختلفت طبيعتها او نوع النظام السياسي القائم به تعتمد بالدرجة الاولى على رجالاته من حيث الوطنية والخبرة والكفاءة والنزاهة في ادارة الدولة ومؤسساتها ، لانهم هم اساس قوته ونجاحه وعظمتها ، وهم من يضعون الاساسات او القواعد او السياسات العامة لإدارة الامور وفق مصالح شعوبهم ، فاذا كانت تلك القواعد او الشروط مبينة على اسس صحيحة وواقعية ، تكون النتائج جيدة جدا ، والشواهد والوقائع كثيرة على ذلك ,والعكس صحيح تماما .
من ادارة الدولة العراقية منذ سقوط النظام السابقة و ليومنا هذا يقتفر الى مؤهلات او قدرات ادارة الدولة ، ولم يتعلم من التجارب السابقة او من تجارب الاخرين كيف تدار الامور ، بل بقي بين مطرقة التدخل الخارجي في ادق التفاصيل والسندان الواقع والتركة الثقيلة ، بسبب سياسية نظام البعثي في تدمير مؤسسات الدولة العراقية ، ولم يستطيع طوال سبعة عشر سنة عجاف من تغير ذلك النهج الذي دمر البلد وقتل العباد ، لتكون النتائج كما نراها اليوم من فاجعة الى اخرى ، ومن كارثة الى اشد من الاولى ، ولعل القادم سيكون الاسواء على العراقيين كافة ، وفي تاريخ الدولة العراقية منذ عام 1921.
لا اقصد مما تقدم الاهانة او التنكيل بأحد او الاساءة ، لأننا نعلم جيدا ظروف البلد العامة وحجم التحديات والمخاطر المحدقة بنا ، وحجم الصراع الدولي القائم في المنطقة ، والعراق خصوصا ، لكن الحق يقول عندما تولي اشخاص يفتقرون الى الخبرة والكفاءة في السلطة ، ويشرعون القانونيين وفق مصالحهم الشخصية ، ويغيب الحساب الشديد عن الفاسد والمقصرلأسباب سياسة او انتخابية تكون النتائج بهذا الشكل الفضيع .
وليس بعيدا عن السابق قد يكون ما حصل امس حادثة تقف ورائها جهات تريد خلط الاوراق ، وتأجيج الاوضاع وخصوصا في مدينة مازالت تعاني الامرين ، ودماء ابناها لم يجف بعد احداث المظاهرات الاخيرة، وهنا اكرار كلامي بنفس الاتجاه من يحكمنا اليوم يتحمل كل ذلك ، لأنه بصراحة سكنوا القصور الفاخرة ، ويعيشون في ملذاتها ، وهناك من يصفق لهم ،ويسير خلفهم مهما كانت النتائج ، ونسوا وتناسوا ان هناك شعبنا مظلوم مضطهد ، وهم يقودون دفة حكمه .
كما قلنا في نهاية المقدمة علينا اولا تغير القصة او من وضع القصة بأكملها ،والا سنشهد المزيد من هذه الاحداث المؤلمة في مدينة التاصرية وغيرها من المدن الاخرى كما حدث مسبقا .